وقال أبو حيان :
و﴿ إسماعيل ﴾ هو ابن إبراهيم أبو العرب يمنّيها ومضريها وهو قول الجمهور.
وقيل : إنه إسماعيل بن حزقيل، بعثه الله إلى قومه فشجوا جلدة رأسه فخيره فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته، وصدق وعده أنه كانت منه مواعيد لله وللناس فوفي بالجميع، فلذلك خص بصدق الوعد.
قال ابن جريج : لم يعد ربه موعدة إلاّ أنجزها، فمن مواعيده الصبر وتسليم نفسه للذبح، ووعد رجلاً أن يقيم له بمكان فغاب عنه مدة.
قيل : سنة.
وقيل : اثني عشر يوماً فجاءه، فقال : ما برحت من مكانك؟ فقال : لا والله، ما كنت لأخلف موعدي.
﴿ وكان يأمر أهله ﴾.
قال الحسن : قومه وأمته، وفي مصحف عبد الله وكان يأمر قومه.
وقال الزمخشري : كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم، ولأنهم أولى من سائر الناس
﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ و﴿ وأمر أهلك بالصلاة ﴾ ﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ أي ترى أنهم أحق فتصدق عليهم بالإحسان الديني أولى.
وقيل :﴿ أهله ﴾ أمته كلهم من القرابة وغيرهم، لأن أمم النبيين في عداد أهاليهم، وفيه أن حق الصالح أن لا يألو نصحاً للأجانب فضلاً عن الأقارب والمتصلين، وأن يخطيهم بالفوائد الدينية ولا يفرط في ذلك انتهى.
وقال أيضاً ذكر إسماعيل عليه السلام بصدق الوعد وإن كان موجوداً في غيره من الأنبياء تشريفاً له وإكراماً كالتلقيب نحو الحليم الأواه والصديق، ولأنه المشهور المتواصف من خصاله.


الصفحة التالية
Icon