ولا يبعد أن تحصل الحالتان للسعداء، فيكون حديث ابن عباس مخصوصاً ؛ والله أعلم.
وقال أبو هريرة :"وفداً" على الإبل.
ابن عباس : ركباناً يؤتون بنوق من الجنة ؛ عليها رحائل من الذهب وسروجها وأزمتها من الزبرجد فيحشرون عليها.
وقال عليّ : ما يحشرون والله على أرجلهم، ولكن على نوق رحالها من ذهب، ونجب سروجها يواقيت، إن هَمُّوا بها سارت وإن حركوها طارت.
وقيل : يفدون على ما يحبون من إبل أو خيل أو سفن، على ما تقدّم عن ابن عباس.
والله أعلم.
وقيل : إنما قال "وفداً" لأن من شأن الوفود عند العرب أن يقدموا بالبِشارات، وينتظرون الجوائز، فالمتقون ينتظرون العطاء والثواب.
﴿ وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ السوق الحثّ على السير.
و"وِردا" عِطاشا ؛ قاله ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهما والحسن.
والأخفش والفراء وابن الأعرابي : حفاة مشاة.
وقيل : أفراداً.
وقال الأزهري : أي مشاة عِطاشا، كالإبل ترد الماء ؛ فيقال : جاء وِرد بني فلان.
القشيري : وقوله :"وِرداً" يدل على العطش ؛ لأن الماء إنما يورد في الغالب للعطش.
وفي "التفسير" : مشاة عِطاشاً تتقطع أعناقهم من العطش، وإذا كان سوق المجرمين إلى النار فحشر المتقين إلى الجنة.
وقيل :"وِردا" أي الورود ؛ كقولك : جئتك إكراماً لك أي لإكرامك، أي نسوقهم لورود النار.
قلت : ولا تناقض بين هذه الأقوال، فيساقون عِطاشاً حفاة مشاة أفراداً.
قال ابن عرفة : الوِرد القوم يردون الماء، فسمي العطاش ورداً لطلبهم ورود الماء ؛ كما تقول : قوم صَوْم أي صيام، وقوم زَوْر أي زوّار، فهو اسم على لفظ المصدر، واحدهم وارد.
والوِرد أيضاً الجماعة التي ترد الماء من طير وإبل.
والورد الماء الذي يوردُ.
وهذا من باب الإيماء بالشيء إلى الشيء.
والورد الجزء ( من القرآن ) يقال : قرأت وِردي.
والوِرد يوم الحمى إذا أخذت صاحبها لوقت.
فظاهره لفظ مشترك.
وقال الشاعر يصف قَلِيبا :


الصفحة التالية
Icon