وابن جريج، وقال الليث : هو حفظ كتاب الله تعالى، وتسمية ما ذكر عهداً على سبيل التشبيه، وقيل : المراد بالعهد الأمر والإذن من قولهم : عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به أي لا يملك العباد أن يشفعوا إلا من أذن الله عز وجل له بالشفاعة وأمره بها فإنه يملك ذلك، ولا يأبى ﴿ عِندَ ﴾ الاتخاذ أصلاً فإنه كما يقال : أخذت الإذن في كذا يقال : اتخذته، نعم في قوله تعالى :﴿ عِندَ الرحمن ﴾ نوع إباء عنه مع أن الجمهور على الأول، والمراد بالشفاعة على القولين ما يعم الشفاعة في دخول الجنة والشفاعة في غيره ونازع في ذلك المعتزلة فلم يجوزوا الشفاعة في دخول الجنة والاخبار تكذبهم، فعن أبي سعيد الخدري قال :"قال رسول الله ﷺ : إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته، وجوز ابن عطية أن يراد بالشفاعة الشفاعة العامة في فصل القضاء وبمن اتخذ النبي ﷺ وبالعهد الوهد بذلك في قوله سبحانه وتعالى :
﴿ عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا ﴾ [ الإسراء : ٧٩ ] وهو خلاف الظاهر جداً، وعلى الوجه الثاني في ضمير الجمع الاستثناء من الشفاعة بتقدير مضاف وهو متصل أيضاً.
وفي المستثنى الوجهان السابقان أي لا يملك المتقون الشفاعة إلا شفاعة من اتخذ عند الرحمن عهداً، والمراد به الايمان، وإضافة المصدر إلى المفعول.
وقيل : المستثنى منه محذوف على هذا الوجه أي لا يملك المتقون الشفاعة لأحد إلا من اتخذ الخ أي إلا لمن اتصف بالايمان.
وجوز أن يكون الاسثناء من الشفاعة بتقدير المضاف على الوجه الأول في الضمير أيضاً، وأن يكون المصدر مضافاً لفاعله أو مضافاً لمفعوله.