وجوز عليه أيضاً أن يكون المستثنى منه محذوفاً كما سمعت، وعلى الوجه الثالث الاستثناء من الضمير وهو متصل أيضاً، وفي المستثنى الوجهان أي لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان مؤمناً فإنه يملك أن يشفع له.
وقيل : الاستثناء على تقدير رجوع الضمير إلى المجرمين منقطع لأن المراد بهم الكفار، وحمل ذلك على العصاة والكفار بعيد كما قال أبو حيان، والمستثنى حينئذ لازم النصف عند الحجازيين جائز نصبه وإبداله عند تميم.
وجوز الزمخشري أن تكون الواو في ﴿ لاَّ يَمْلِكُونَ ﴾ علامة الجمع كالتي في أكلوني البراغيث والفاعل ﴿ مَنِ اتخذ ﴾ لأنه في معنى الجمع.
وتعقبه أبو حيان بقوله : لا ينبغي حمل القرآن على هذه اللغة القليلة مع وضوح جعل الواو ضميراً، وذكر الأستاذ أبو الحسن بن عصفور أنها لغة ضعيفة، وأيضاً فالواو والألف والنون التي تكون علامات لا يحفظ ما يجيء بعدها فاعلاً إلا بصريح الجمع وصريح التثنية أو العطف إما أن يأتي بلفظ مفرد يطلق على جمع أومثنى فيحتاج في إثباته إلى نقل، وإمما عود الضمائر مثناة ومجموعة على مفرد في اللفظ يراد به المثنى والمجموع فمسموع معروف في لسان العرب فيمكن قياس هذه العلامات على تلك الضمائر ولكن الأحوط أن لا يقال ذلك إلا بسماع انتهى.
وتعقبه أيضاً ابن المنير بأن فيه تعسفاً لأنه إذا جعل الواو علامة لمن ثم أعاد على لفظها بالإفراد ضمير ﴿ اتخذ ﴾ كان ذلك إجمالاً بعد إيضاح وهو تعكيس في طريق البلاغة التي هي الإيضاح بعد الاجمال والواو على إعرابه وإن لم تكن عائدة على من إلا أنها كاشفة لمعناها كشف الضمير العائد لها ثم قال : فتنبه لهذا النقد فإنه أروج من النقد.
وفي عنق الحسناء يستحسن العقد
انتهى، ومنه يعلم القول بجواز رجوع الضمير لها أولاً باعتبار معناها وثانياً باعتبار لفظها لا يخلو عن كدر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٦ صـ ﴾