فقال عاطفاً على قوله :﴿واتخذوا من دون الله آلهة﴾ موجباً منهم :﴿وقالوا﴾ أي الكفرة ﴿اتخذ الرحمن﴾ أي الذي لا منعم غيره، فكل أحد محتاج إليه وهو غني عن كل أحد ﴿ولداً﴾ قالت اليهود : عزير، والنصارى : المسيح، والمشركون : الملائكة، مع قيام الأدلة على استحالته عليه سبحانه ؛ ثم استأنف الالتفات إلى خطابهم بأشد الإنكار، إيماء إلى تناهي الغضب فقال :﴿لقد﴾ أي وعزتي! لقد ﴿جئتم شيئاً إدّاً﴾ أي عظيماً ثقيلاً منكراً ؛ ثم بين ثقله بقوله :﴿تكاد السماوات﴾ على إحكامها، مع بعدها من أصحاب هذا القول ﴿يتفطرن﴾ أي يأخذن في الانشقاق ﴿منه﴾ أي من هذا الشيء الإدّ ﴿وتنشق الأرض﴾ على تحتها شقاً نافذاً واسعاً ﴿وتخر﴾ أي تسقط سريعاً ﴿الجبال﴾ على صلابتها ﴿هداً﴾ كما ينفسخ السقف تحت ما لا يحتمله من الجسم الثقيل، لأجل ﴿أن ادعوا﴾ أي سموا ﴿للرحمن﴾ الذي كل ما سواه نعمة منه ﴿ولداً﴾ هذا المفعول الثاني، وحذف الأول لإرادة العموم ﴿وما ينبغي﴾ أي ما يصح ولا يتصور ﴿للرحمن أن يتخذ ولداً﴾ لأنه غير محتاج إلى الولد بوجه، ومع ذلك فهو محال، لأن الولد لا يكون إلا مجانساً للوالد، ولا شيء من النعم بمجانس للمنعم المطلق الموجد لكل ما سواه، فمن دعا له ولداً قد جعله كبعض خلقه، وأخرجه عن استحقاق هذا الاسم، ثم أقام الدليل على غناه عن ذلك واستحالته عليه، تحقيقاً لوحدانيته، وبياناً لرحمانيته، فهدم بذلك الكفر بمطلق الشريك بعد أن هدم الكفر بخصوص الولد فقال :﴿إن﴾ أي ما ﴿كل من﴾ أي شيء من العقلاء، فهو نكرة موصوفة لوقوعها بعد كل وقوعها بعد رب ﴿في السماوات والأرض﴾ الذين ادعوا أنهم ولد وغيرهم ﴿إلا ﴾.


الصفحة التالية
Icon