و السوء يطلق على العيب، والبرص لا اعيب منه، وهو بياض شديد يضرب إلى الحمرة أعيا الأطباء زواله، فأدخل يده اليمنى تحت إبطه الأيسر وأخرجها فإذا هي تبرق بياضا ناصعا مع أنها سمراء، فقال له انظر هذه "آيَةً أُخْرى " ٢٢ على صدق دعوتك إلى القبط وقومك، وهاتان الآيتان توطئة "لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى " ٢٣ الدالة على عظمتنا، راجع الآية ١٢٩ من الأعراف المارة وما بعدها، تقوية لجنانك وتكريما لجنابك، فتقابلهم بالجزم والعزم لأنك مستند إلينا في دعوتك، فلا تخش تهويلهم فإنهم مغلوبون، ولا يخفى أن كل آية آتاها اللّه رسله، فقد أعطى من نوعها رسوله محمدا صلى اللّه عليه وسلم وأعظم، وقد قال في حقه (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) الآية ١٨ من سورة النجم المارة، ووجه أفضليتها، أن معجزاته عليه السلام هذه كانت في الأرض ومعجزة محمد صلى اللّه عليه وسلم في السماء، والفرق بينهما كالفرق بين الأرض والسماء، ويقابل معجزة اليد في الأرض نبع الماء من إصبعه في غزوة تبوك فقد شرب الجيش منه، ورمي التراب في وجوه القوم في غزوة أحد فانهزموا، وتسبيح الحصى في يده، وذر التراب على رؤوس شبان المشركين يوم أحاطوا به ليقتلوه فخرج من بينهم ولم يروه، وسنأتي على تفصيل هذا كله وغيره في موضعه إن شاء اللّه في القسم المدني.


الصفحة التالية
Icon