والثاني: أنها بمعنى "ما"، واللام في خبرها بمعنى "إلا" أي: "ما هذان إلا ساحران" كقوله: (وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) أي: إلا فاسقين، وقوله: (وإن نظنك لمن الكاذبين). وأما القراءة المعروفة، فيقال: إنها جاءت على لغة كنانة وبلحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد، ومراد، وبني عذرة، وجماعة من قبائل اليمن،
فإن في لغاتها أن الثنية في الأحوال بالألف، ولا يختلف إعرابها، وأنشد: ٧٦٤- إن أباها وأبا أباها ٧٦٥- قد بلغا في المجد غايتاها. ويقال أيضاً "إن" بمعنى ["نعم". وقيل: هو على حذف الهاء، بمعنى "إنه"] كما قال عبد الله بن قيس: ٧٦٦- بكرت علي عواذلي يلحينني وألومهنه ٧٦٧- ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنه
إلا أن التعسف في القولين ظاهر، لأن لام التوكيد يختص بخبر إن. والأوجه: ما قاله أبو علي -رحمه الله-: إن [هذان] ليس بتثنية "هذا"، لأن هذا من أسماء الإشارة، فلا يكون أبداً إلا معرفة، والتثنية من خصائص النكرات كالجمع، لأن واحداً أعرف من اثنين، فلما [لم] يصح تنكير "هذا" لم يصح تثنية "هذا" من لفظه، ألا ترى أن: أنت، وهو، وهي -لما كانت معارف- لم يثن على لفظها، فلا يقال: أنتان، وهوان، وهيان. وإذا [مست] الحاجة إلى تثنيتها، يصاغ لها أسماء مبنية لا [تختلف] أبداً على صورة الأسماء المثناة، وهي: أنتما، وهما. [فكذلك] صيغ لـ"هذا" عند التثنية [لفظ مخترع مبني]، لا يعمل فيها
عامل/ألا ترى أنهم كيف فعلوا في "الذين" هكذا. (فأجمعوا أمركم) يكون إجماع الأمر بمعنى جمعه، وبمعنى اجتماع الرأي والتدبير. قال: ٧٦٨- يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوماً وأمري [مجمع]. (ثم ائتوا صفاً) [٦٤] أي [مصطفين] جميعاً.