وروى مسلم وغيره عن جابر بن سمرة ـ رضى الله عنهم ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" إني لأعرف حجراً كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث " فقال تعالى مقرراً تنبيهاً على أنه يذكر له منه ما يكفي في تسليته وتقوية قلبه، وتبكيت اليهود الذين توقفوا في أمره ـ ﷺ ـ وغشوا قريشاً حين تكلفوا طيّ شقة البين إليهم ورضوا بقولهم لهم وعليهم ليكون فائدة الاستفهام أن يفرغ أذنه الشريفة للسماع وقلبه للوعي العظيم :﴿وهل أتاك﴾ أي يا أشرف الخلق! ﴿حديث موسى﴾ نادباً إلى التأسي بموسى عليه السلام في تحمل أعباء النبوة وتكليف الرسالة والصبر على مقامات الشدائد، وشارحاً بذكر ما في هذه السورة من سياق قصة ما أجمل منها في سورة مريم، ومقرراً بما نظمه في أساليبها ما تقدم أنه مقصد السورة من أنه يسعده ولا يشقيه، ويعزه على جميع شانئيه بإعزازه على أهل بلده بعد إخراجهم له، كما أعز موسى عليه السلام من خرج من بلادهم خائفاً يترقب، ترغيباً في الهجرة ثالثاً بعد ما رغب فيها أولاً بقصة أصحاب الكهف وثانياً بقصة أبيه إبراهيم عليه السلام، وأنه يعلي قومه على جميع أهل الأرض، وينقذهم به بعد ضعفهم من كل شدة ويغني فقرهم ويجعلهم ملوك الأرض، يذل بهم الجبابرة، ويهلك من علم شقاوته منهم كما فعل بقوم موسى، وأشار بإنجاء موسى عليه السلام على يد عدوه وإلقائه المحبة عليه وهداية السحرة دون فرعون وقومه، وعبادة بني إسرائيل العجل بعد ما رأوا من الآيات والنعم والنقم، ثم رجوعهم عنها إلى عظيم قدرته على التصرف في القلوب لمن كان يبخع نفسه لكفرهم بهذا الحديث أسفاً، وكذا ما في قصة آدم عليه السلام من قوله ﴿فنسي ولم نجد له عزماً﴾ [ طه : ١١٥ ] وقوله ﴿ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى﴾ [ طه : ١٢٢ ] ولعله أشار بقوله ﴿واحلل عقدة من لساني﴾ [ طه : ٢٧ ] إلى ما أنعم الله به عليه من تيسير هذا الذكر بلسانه، وأرشد بدعاء موسى عليه السلام


الصفحة التالية
Icon