بشرح الصدر وتيسير الأمر وطلب وزيراً من أهله إلى الدعاء بمثل ذلك حتى دعا المنزل عليه هذا القرآن بأن يؤيد الله الدين بأحد الرجلين، فأيده بأعظم وزير : عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنهم ـ - كما مضى هذا إلى تمام ما اشتمل عليه سياق قصة موسى عليه السلام هنا، إتماماً لتبكيت اليهود على تعليمهم قريشاً أن يسألوا النبي ـ ﷺ ـ عن الروح، وما ذكر معها من دقائق، من أمر قصة نبيهم ـ ﷺ ـ، لا يعلمها أحد منهم أو إلا حذّاقهم، منها أن الموعد كان يوم الزينة، ومنها إيمان السحرة إيماناً كاملاً، ومنها التهديد بتصليبهم في جذوع النخل، ومنها إلقاء السامري لأثر الرسول، فإني لم أر أحداً من اليهود يعرف ذلك، وأخبرني بعض فضلائهم أنه لا ذكر لذلك عندهم.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : لما ذكر سبحانه قصة إبراهيم عليه السلام وما منحه وأعطاه، وقصص الأنبياء بعده بما خصهم به، وأعقب ذلك بقوله تعالى ﴿أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم﴾ [ مريم : ٥٨ ] وكان ظاهر الكلام تخصيص هؤلاء بهذه المناصب العلية، والدرجات المنفية الجليلة لا سيما وقد اتبع ذلك بقوله ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً﴾ [ مريم : ٥٩ ] كان هذا مظنة إشفاق وخوف فاتبعه تعالى بملاطفة نبيه محمد ـ ﷺ ـ ملاطفة المحبوب المقرب المجتبى فقال ﴿ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾ وأيضاً فقد ختمت سورة مريم يقوله ﴿وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً﴾ بعد قوله ﴿وتنذر به قوماً لداً﴾ وقد رأى عليه الصلاة والسلام من تأخر قريش عن الإسلام ولددها ما أوجب إشفاقه وخوفه عليهم.


الصفحة التالية
Icon