فصل
قال الفخر :
﴿ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) ﴾
اعلم أنه تعالى لما عظم حال القرآن وحال الرسول فيما كلفه اتبع ذلك بما يقوي قلب رسول الله ﷺ من ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام تقوية لقلبه في الإبلاغ كقوله :﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [ هود : ١٢٠ ] وبدأ بموسى عليه السلام لأن المحنة والفتنة الحاصلة له كانت أعظم ليسلي قلب الرسول ﷺ بذلك ويصبره على تحمل المكاره فقال :﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى﴾ وههنا مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿وَهَلْ أَتَاكَ﴾ يحتمل أن يكون هذا أول ما أخبر به من أمر موسى عليه السلام فقال :﴿وَهَلْ أَتَاكَ﴾ أي لم يأتك إلى الآن وقد أتاك الآن فتنبه له، وهذا قول الكلبي.
ويحتمل أن يكون قد أتاه ذلك في الزمان المتقدم فكأنه قال : أليس قد أتاك، وهذا قول مقاتل والضحاك عن ابن عباس.
المسألة الثانية :
قوله :﴿وَهَلْ أَتَاكَ﴾ وإن كان على لفظ الاستفهام الذي لا يجوز على الله تعالى لكن المقصود منه تقرير الجواب في قلبه، وهذه الصيغة أبلغ في ذلك كما يقول المرء لصاحبه هل بلغك خبر كذا ؟ فيتطلع السامع إلى معرفة ما يرمى إليه، ولو كان المقصود هو الاستفهام لكان الجواب يصدر من قبل النبي عليه السلام لا من قبل الله تعالى.
المسألة الثالثة :
قوله تعالى :﴿إِذْ رَأَى نَاراً﴾ أي هل أتاك حديثه حين رأى ناراً قال المفسرون : استأذن موسى عليه السلام شعيباً في الرجوع إلى والدته فأذن له فخرج فولد له ابن في الطريق في ليلة شاتية مثلجة وكانت ليلة الجمعة وقد حاد عن الطريق فقدح موسى عليه السلام النار فلم تور المقدحة شيئاً، فبينا هو مزاولة ذلك إذ نظر ناراً من بعيد عن يسار الطريق.