كادت وكدت وتلك خير إرادة... وقد تقدم هذا المعنى، وقالت فرقة ﴿ أكاد ﴾ على بابها بمعنى أنها متقاربة ما لم يقع، لكن الكلام جار على استعارة العرب ومجازها، فلما كانت الآية عبارة عن شدة خفاء أمر القيامة ووقتها وكان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس بالغ قوله تعالى في إبهام وقتها فقال ﴿ أكاد أخفيها ﴾ حتى لا تظهر البتة ولكن ذلك لا يقع ولا بد من ظهورها، هذا تلخيص هذا المعنى الذي أشار إليه بعض المفسرين وهو الأقوى عندي، ورأى بعض القائلين بأن المعنى ﴿ أكاد أخفيها ﴾ من نفسي ما في القول من القلق فقالوا معنى من نفسي من تلقائي ومن عندي ع وهذا رفض للمعنى الأول ورجوع إلى هذا القول الذي اخترناه أخيراً فتأمله، واللام في قوله ﴿ لتجزى ﴾ متعلقة ب ﴿ آتية ﴾ وهكذا يترتب الوعيد. و﴿ تسعى ﴾ معناه تكسب وتجترح، والضمير في قوله ﴿ عنها ﴾ يريد الإيمان بالساعة فأوقع الضمير عليها، ويحتمل أن يعود على ﴿ الصلاة ﴾ [ طه : ١٤ ] وقالت فرقة المراد عن لا إله الا الله ع : وهذا متجه، والأولان أبين وجهاً. وقوله ﴿ فتردى ﴾ معناه تهلك والردى الهلاك ومنه قوله دريد بن الصمة :[ الطويل ]
تنادوا فقالوا أدرت الخيل فارساً... فقلت أعبد الله ذلكمُ الردي
وهذا الخطاب كله لموسى عليه السلام وكذلك ما بعده، وقال النقاش : الخطاب ب ﴿ فلا يصدنك ﴾ لمحمد عليه السلام وهذا بعيد، وفي مصحف عبدالله بن مسعود " أكاد أخفيها من نفسي " وعلى هذه القراءة تركب ذلك القول المتقدم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾