﴿فاعبدني وأقم الصلاة لذكري﴾ [ طه : ١٤ ]، وثالثها : معرفة الآخرة :﴿إِنَّ الساعة ءَاتِيَةٌ﴾ [ طه : ١٥ ] ورابعها : حكمة أفعاله في الدنيا :﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى﴾ [ طه : ١٧ ]، وخامسها : عرض المعجزات الباهرة عليه :﴿لِنُرِيَكَ مِنْ ءاياتنا الكبرى﴾ [ طه : ٢٣ ]، وسادسها : إرساله إلى أعظم الناس كفراً وعتواً فكانت هذه التكاليف الشاقة سبباً للقهر فأراد موسى عليه السلام جبر هذا القهر بالمعجز فعرفه أن كل من سأله قرب منه فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ فأراد جبر القهر الحاصل من هذه التكاليف بالقرب منه فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ أو يقال خاف شياطين الإنس والجن فدعا ليصل بسبب الدعاء إلى مقام القرب فيصير مأموناً من غوائل شياطين الجن والإنس.
وثانيها : أن المراد أنه أراد الذهاب إلى فرعون وقومه فأراد أن يقطع طمع الخلق عن نفسه بالكلية فعرف أن من دعا ربه قربه له وقربه لديه فحينئذ تنقطع الأطماع بالكلية فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي ﴾.
وثالثها : الوجود كالنور والعدم كالظلمة وكل ما سوى الله تعالى فهو عدم محض فكل شيء هالك إلا وجهه فالكل كأنهم في ظلمات العدم وإظلال عالم الأجسام والإمكان فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ حتى يجلس قلبي في بهي ضوء المعرفة وسادة شرح الصدر والجالس في الضوء لا يرى من كان جالساً في الظلمة فحين جلس في ضوء شرح الصدر لا يرى أحداً في الوجود فلهذا عقبه بقوله :﴿وَيَسّرْ لِي أَمْرِي﴾ فإن العبد في مقام الاستغراق لا يتفرغ لشيء من المهمات.