ورابعتها : اللص إذا رأى السراج يوقد في البيت لا يقرب منه والله قد أوقد سراج المعرفة في قلبك فكيف يقرب الشيطان منه فلهذا قال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي ﴾.
وخامستها : المجوس أوقدوا ناراً فلا يريدون إطفاءها والملك القدوس أوقد سراج الإيمان في قلبك فكيف يرضى بإطفائه، واعلم أنه سبحانه وتعالى أعطى قلب المؤمن تسع كرامات، أحدها : الحياة :﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ] فلما رغب موسى عليه السلام في الحياة الروحانية قال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ ثم النكتة أنه عليه السلام قال من أحيا أرضاً ميتة فهي له فالعبد لما أحيا أرضاً فهي له فالرب لما خلق القلب وأحياه بنور الإيمان فكيف يجوز أن يكون لغيره فيه نصيب :﴿قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ [ الأنعام : ٩١ ] وكما أن الإيمان حياة القلب بالكفر موته :﴿أموات غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [ النحل : ٢١ ].
وثانيها : الشفاء :﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ﴾ [ التوبة : ١٤ ] فلما رغب موسى في الشفاء رفع الأيدي قال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ والنكتة أنه تعالى لما جعل الشفاء في العسل بقي شفاء أبداً فههنا لما وضع الشفاء في الصدر فكيف لا يبقى شفاء أبداً.
وثالثها : الطهارة :﴿أُوْلَئِكَ الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى﴾ [ الحجرات : ٣ ] فلما رغب موسى عليه السلام في تحصيل طهارة التقوى قال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ والنكتة أن الصائغ إذا امتحن الذهب مرة فبعد ذلك لا يدخله في النار فههنا لما امتحن الله قلب المؤمن فكيف يدخله النار ثانياً ولكن الله يدخل في النار قلب الكافر :﴿لِيَمِيزَ الله الخبيث مِنَ الطيب﴾ [ الأنفال : ٣٧ ].