ورابعها : الهداية ومن يؤمن بالله يهد قلبه فرغب موسى عليه السلام في طلب زوائد الهداية فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ والنكتة أن الرسول يهدي نفسك والقرآن يهدي روحك والمولى يهدي قلبك فلما كانت الهداية من الكفر من محمد ﷺ لا جرم تارة تحصل وأخرى لا تحصل :﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَاء﴾ [ القصص : ٥٦ ] وهداية الروح لما كانت من القرآن فتارة تحصل وأخرى لا تحصل :﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [ البقرة : ٢٦ ] أما هداية القلب فلما كانت من الله تعالى فإنها لا تزول لأن الهادي لا يزول :﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [ يونس : ٢٥ ].
وخامسها : الكتابة :﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمان﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] فلما رغب موسى عليه السلام في تلك الكتابة قال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ وفيه نكت : الأولى : أن الكاغدة ليس لها خطر عظيم وإذا كتب فيها القرآن لم يجز إحراقها فقلب المؤمن كتب فيه جميع أحكام ذات الله تعالى وصفاته فكيف يليق بالكريم إحراقه.
الثانية : بشر الحافي أكرم كاغداً فيه اسم الله تعالى فنال سعادة الدارين فإكرام قلب فيه معرفة الله تعالى أولى بذلك.
والثالثة : كاغد ليس فيه خط إذا كتب فيه اسم الله الأعظم عظم قدره حتى أنه لا يجوز للجنب والحائض أن يمسه بل قال الشافعي رحمه الله تعالى ليس له أن يمس جلد المصحف، وقال الله تعالى :﴿لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون﴾ [ الواقعة : ٧٩ ] فالقلب الذي فيه أكرم المخلوقات :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ﴾ [ الإسراء : ٧٠ ] كيف يجوز للشيطان الخبيث أن يمسه والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon