الثاني : السبب فيه أنه عليه السلام حال صباه أخذ لحية فرعون ونتفها فهم فرعون بقتله وقال هذا هو الذي يزول ملكي على يده فقالت آسية : إنه صبي لا يعقل وعلامته أن تقرب منه التمرة والجمرة فقربا إليه فأخذ الجمرة فجعلها في فيه وهؤلاء اختلفوا فمنهم من قال لم تحترق اليد ولا اللسان لأن اليد آلة أخذ العصا وهي الحجة واللسان آلة الذكر فكيف يحترق ولأن إبراهيم عليه السلام لم يحترق بنار نمروذ وموسى عليه السلام لم يحترق حين ألقى في التنور فكيف يحترق هنا ؟ ومنهم من قال : احترقت اليد دون اللسان لئلا يحصل حق المواكلة والممالحة.
الثالث : احترق اللسان دون اليد لأن الصولة ظهرت باليد أما اللسان فقد خاطبه بقوله يا أبت.
والرابع : احترقا معاً لئلا تحصل المواكلة والمخاطبة.
المسألة الثالثة :
اختلفوا في أنه عليه السلام لم طلب حل تلك العقدة على وجوه.
أحدها : لئلا يقع في أداء الرسالة خلل ألبتة.
وثانيها : لإزالة التنفير لأن العقدة في اللسان قد تفضي إلى الإستخفاف بقائلها وعدم الالتفات إليه.
وثالثها : إظهاراً للمعجزة فكما أن حبس لسان زكريا عليه السلام عن الكلام كان معجزاً في حقه فكذا إطلاق لسان موسى عليه السلام معجز في حقه.
ورابعها : طلب السهولة لأن إيراد مثل هذا الكلام على مثل فرعون في جبروته وكبره عسر جداً فإذا انضم إليه تعقد اللسان بلغ العسر إلى النهاية، فسأل ربه إزالة تلك العقدة تخفيفاً وتسهيلاً.
المسألة الرابعة :
قال الحسن رحمه الله : إن تلك العقدة زالت بالكلية بدليل قوله تعالى :﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ ياموسى﴾ [ طه : ٣٦ ] وهو ضعيف لأنه عليه السلام لم يقل واحلل العقدة من لساني بل قال :﴿واحلل عُقْدَةً مّن لِّسَانِي﴾ فإذا حل عقدة واحدة فقد آتاه الله سؤله، والحق أنه انحل أكثر العقد وبقي منها شيء قليل لقوله : حكاية عن فرعون