والثاني : على البدل من وزيراً وأخي نعت لهرون أو بدل، واعلم أن هارون عليه السلام كان مخصوصاً بأمور منها الفصاحة لقوله تعالى عن موسى :﴿وَأَخِي هارون هُوَ أَفْصَحُ مِنّي لِسَاناً﴾ [ القصص : ٣٤ ] ومنها أنه كان فيه رفق قال :﴿يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى﴾ [ طه : ٩٤ ] ومنها أنه كان أكبر سناً منه.
المطلوب السابع : قوله :﴿أشدد به أزري﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
القراءة العامة :﴿اشدد بِهِ * وَأَشْرِكْهُ﴾ على الدعاء وقرأ ابن عامر وحده :( اشْدُدْ، وَأَشْرِكْهُ ) على الجزاء والجواب، حكاية عن موسى عليه السلام أي أنا أفعل ذلك ويجوز لمن قرأ على لفظ الأمر أن يجعل ﴿أَخي﴾ مرفوعاً على الابتداء ﴿واشدد بِهِ﴾ خبره ويوقف على هارون.
المسألة الثانية :
الأزر القوة وآزره قواه قال تعالى :﴿فَآزَرَهُ﴾ أي أعانه قال أبو عبيدة ﴿أَزْرِي﴾ أي ظهري وفي كتاب الخليل : الأزر الظهر.
المسألة الثالثة :
أنه عليه السلام لما طلب من الله تعالى أن جعل هرون وزيراً له طلب منه أن يشد به أزره ويجعله ناصراً له لأنه لا اعتماد على القرابة.
المطلوب الثامن : قوله :﴿وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِي﴾ والأمر ههنا النبوة، وإنما قال ذلك لأنه عليه السلام علم أنه يشد به عضده وهو أكبر منه سناً وأفصح منه لساناً ثم إنه سبحانه وتعالى حكى عنه ما لأجله دعا بهذا الدعاء فقال :﴿كَيْ نُسَبّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً﴾ والتسبيح يحتمل أن يكون باللسان وأن يكون بالاعتقاد، وعلى كلا التقديرين فالتسبيح تنزيه الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله عما لا يليق به، وأما الذكر فهو عبارة عن وصف الله تعالى بصفات الجلال والكبرياء ولا شك أن النفي مقدم على الإثبات، أما قوله تعالى :﴿إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً﴾ ففيه وجوه : أحدها : إنك عالم بأنا لا نريد بهذه الطاعات إلا وجهك ورضاك ولا نريد بها أحداً سواك.


الصفحة التالية
Icon