وقال أهل اللغة : هش على غنمه، يهش بضم الهاء في المستقبل، وهششت الرجل أهش بفتح الهاء في المستقبل، وهش الرغيف يهش بكسر الهاء.
قاله ثعلب، وقرأ عكرمة :( وأهس ) بالسين غير المنقوطة، والهش زجر الغنم، واعلم أن غنمه رعيته فبدأ بمصالح نفسه في قوله :﴿أتوكأُ عليها﴾ ثم بمصالح رعيته في قوله :﴿وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي﴾ فكذلك في القيامة يبدأ بنفسه فيقول : نفسي نفسي ومحمد ﷺ لم يشتغل في الدنيا إلا بإصلاح أمر الأمة :﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ].
" اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " فلا جرم يوم القيامة يبدأ أيضاً بأمته فيقول :" أمتي أمتي " والرابع : قوله :﴿وَلِيَ فِيهَا مآرِبُ أخرى﴾ أي حوائج ومنافع واحدتها مأربة بفتح الراء وضمها، وحكى ابن الأعرابي وقطرب بكسر الراء أيضاً، والأرب بفتح الراء، والإربة بكسر الألف وسكون الراء الحاجة، وإنما قال أخرى لأن المآرب في معنى جماعة فكأنه قال : جماعة من الحاجات أخرى ولو جاءت أخر لكان صواباً كما قال :
﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ] ثم ههنا نكت.
إحداها : أنه لما سمع قول الله تعالى :﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ﴾ عرف أن لله فيه أسراراً عظيمة فذكر ما عرف وعبر عن البواقي التي ما عرفها إجمالاً لا تفصيلاً بقوله :﴿وَلِىَ فِيهَا مَآَرِبُ أخرى ﴾.
وثانيها : أن موسى عليه السلام أحس بأنه تعالى إنما سأله عن أمر العصا لمنافع عظيمة.
فقال موسى : إلهي ما هذه العصا إلا كغيرها، لكنك لما سألت عنها عرفت أن لي فيها مآرب أخرى ومن جملتها أنك كلمتني بسببها فوجدت هذا الأمر العظيم الشريف بسببها.
وثالثها : أن موسى عليه السلام أجمل رجاء أن يسأل ربه عن تلك المآرب فيسمع كلام الله مرة أخرى ويطول أمر المكالمة بسبب ذلك.


الصفحة التالية
Icon