الثاني : هب أن العصا أمر واحد لكن فيها آيات كثيرة لأن انقلابها حية يدل على وجود إله قادر على الكل عالم بالكل حكيم ويدل على نبوة موسى عليه السلام ويدل على جواز الحشر حيث انقلب الجماد حيواناً فهذه آيات كثيرة ولذلك قال :﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً﴾ [ آل عمران : ٩٦ ] إلى قوله :﴿فِيهِ ءايات بينات مَّقَامُ إبراهيم﴾ [ آل عمران : ٩٧ ] فإذا وصف الشيء الواحد بأن فيه آيات فالشيئان أولى بذلك.
الثالث : من الناس من قال : أقل الجمع اثنان على ما عرفت في أصول الفقه.
القول الثاني : أن قوله :﴿اذهبا بِآياتِي﴾ معناه أني أمدكما بآياتي وأظهر على أيديكما من الآيات ما تزاح به العلل من فرعون وقومه فاذهبا فإن آياتي معكما كما يقال اذهب فإن جندي معك أي أني أمدك بهم متى احتجت.
القول الثالث : أن الله تعالى آتاه العصا واليد وحل عقدة لسانه وذلك أيضاً معجز فكانت الآيات ثلاثة هذا هو شرح الأمر أما النهي فهو قوله تعالى :﴿وَلاَ تَنِيَا فِى ذِكْرِي﴾ الوني الفتور والتقصير وقرىء ولا تنيا بكسر حرف المضارعة للاتباع ثم قيل فيه أقوال : أحدها : المعنى لا تنيا بل اتخذا ذكرى آلة لتحصيل المقاصد واعتقدا أن أمراً من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكري والحكمة فيه أن من ذكر جلال الله استحقر غيره فلا يخاف أحداً ولأن من ذكر جلال الله تقوى روحه بذلك الذكر فلا يضعف في المقصود، ولأن ذاكر الله تعالى لا بد وأن يكون ذاكراً لإحسانه وذاكر إحسانه لا يفتر في أداء أوامره.
وثانيها : المراد بالذكر تبليغ الرسالة فإن الذكر يقع على كل العبادات وتبليغ الرسالة من أعظمها فكان جديراً بأن يطلق عليه اسم الذكر.
وثالثها : قوله :﴿وَلاَ تَنِيَا فِى ذِكْرِي﴾ عند فرعون وكيفية الذكر هو أن يذكرا لفرعون وقومه أن الله تعالى لا يرضى منهم بالكفر ويذكرا لهم أمر الثواب والعقاب والترغيب والترهيب.


الصفحة التالية
Icon