ورابعها : أن يذكرا لفرعون آلاء الله ونعماءه وأنواع إحسانه إليه ثم قال بعد ذلك :﴿اذهبا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى﴾ وفيه سؤالان : الأول : ما الفائدة في ذلك بعد قوله :﴿اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بآياتي﴾ قال القفال فيه وجهان.
أحدهما : أن قوله :﴿اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بآياتي﴾ يحتمل أن يكون كل واحد منهما مأموراً بالذهاب على الانفراد فقيل مرة أخرى اذهبا ليعرفا أن المراد منه أن يشتغلا بذلك جميعاً لا أن ينفرد به هرون دون موسى.
والثاني : أن قوله :﴿اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بآياتي﴾ أمر بالذهاب إلى كل الناس من بني إسرائيل وقوم فرعون، ثم إن قوله :﴿اذهبا إلى فِرْعَوْنَ﴾ أمر بالذهاب إلى فرعون وحده.
السؤال الثاني : قوله :﴿اذهبا إلى فِرْعَوْنَ﴾ خطاب مع موسى وهارون عليهما السلام وهذا مشكل لأن هارون عليه السلام لم يكن حاضراً هناك وكذلك في قوله تعالى :﴿قَالاَ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يطغى﴾ [ طه : ٤٥ ] أجاب القفال عنه من وجوه.
أحدها : أن الكلام كان مع موسى عليه السلام وحده إلا أنه كان متبوع هارون فجعل الخطاب معه خطاباً مع هارون وكلام هارون على سبيل التقدير فالخطاب في تلك الحالة وإن كان مع موسى عليه السلام وحده إلا أنه تعالى أضافه إليهما كما في قوله :﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ [ البقرة : ٧٢ ] وقوله :﴿لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل﴾ [ المنافقون : ٨ ] وحكي أن القائل هو عبد الله بن أبي وحده.
وثانيها : يحتمل أن الله تعالى لما قال :﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ ياموسى﴾ سكت حتى لقي أخاه، ثم إن الله تعالى خاطبهما بقوله :﴿اذهبا إلى فِرْعَوْنَ ﴾.
وثالثها : أنه حكى أنه في مصحف ابن مسعود وحفصة :﴿قَالاَ رَبُّنَا إِنَّنَا نَخَافُ﴾ أي قال موسى : أنا وأخي نخاف فرعون أما قوله تعالى :﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً﴾ ففيه سؤالان :


الصفحة التالية
Icon