﴿اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بِآياتي﴾ [ طه : ٤٢ ] وذلك يدل على ثلاث آيات وقال ههنا :﴿جئناك بِآيَةٍ﴾ وهذا يدل على أنها كانت واحدة فكيف الجمع ؟ أجاب القفال بأن معنى الآية الإشارة إلى جنس الآيات كأنه قال : قد جئناك ببيان من عند الله ثم يجوز أن يكون ذلك حجة واحدة أو حججاً كثيرة، وأما قوله :﴿والسلام على مَنِ اتبع الهدى﴾ فقال بعضهم هو من قول الله تعالى لهما كأنه قال : فقولا إنا رسولا ربك، وقولا له : والسلام على من اتبع الهدى، وقال آخرون بل كلام الله تعالى قد تم عند قوله :﴿قَدْ جئناك بِآيَةٍ مّن رَّبّكَ﴾ فقوله بعد ذلك :﴿والسلام على مَنِ اتبع الهدى﴾ وعد من قبلهما لمن آمن وصدق بالسلامة له من عقوبات الدنيا والآخرة، والسلام بمعنى السلامة كما يقال رضاع ورضاعة واللام وعلى ههنا بمعنى واحد كما قال ﴿لَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سُوء الدار﴾ [ الرعد : ٢٥ ] على معنى عليهم وقال تعالى :﴿مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا﴾ [ فصلت : ٤٦ ] وفي موضع آخر :﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ [ الإسراء : ٧ ]، أما قوله :﴿إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى﴾ فاعلم أن هذه الآية من أقوى الدلائل على أن عقاب المؤمن لا يدوم وذلك لأن الألف واللام في قوله :﴿العذاب﴾ تفيد الاستغراق أو تفيد الماهية وعلى التقديرين يقتضي انحصار هذا الجنس فيمن كذب وتولى فوجب في غير المكذب المتولي أن لا يحصل هذا الجنس أصلاً، وظاهر هذه الآية يقتضي القطع بأنه لا يعاقب أحداً من المؤمنين بترك العمل به في بعض الأوقات فوجب أن يبقى على أصله في نفي الدوام لأن العقاب المتناهي إذا حصل بعده السلامة مدة غير متناهية صار ذلك العقاب كأنه لا عقاب فلذلك يحسن مع حصول ذلك القدر أن يقال : إنه لا عقاب، وأيضاً فقوله :﴿والسلام على مَنِ اتبع الهدى﴾، وقد فسرنا السلام
بالسلامة فظاهره يقتضي حصول السلامة لكل من اتبع الهدى، والعارف بالله قد اتبع الهدى فوجب أن يكون صاحب السلامة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٢ صـ ٥٠ ـ ٥٤﴾