قال النحاس ومن أبين ما في هذا قول سيبويه : واعلم أنك إذا ثنيت الواحد زدت عليه زائدتين، الأولى منهما حرف مدّ ولين وهو حرف الإعراب ؛ قال أبو جعفر فقول سيبويه : وهو حرف الإعراب، يوجب أن الأصل ألا يتغير، فيكون "إِنَّ هَذَانِ" جاء على أصله ليعلم ذلك، وقد قال تعالى :﴿ استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان ﴾ [ المجادلة : ١٩ ] ولم يقل استحاذ ؛ فجاء هذا ليدل على الأصل، وكذلك ﴿ إِنْ هذان ﴾ ولا يفكر في إنكار من أنكر هذه اللغة إذْ كان الأئمة قد رووها.
القول الثاني : أن يكون "إنّ" بمعنى نعم ؛ كما حكى الكسائي عن عاصم قال : العرب تأتي ب"إنّ" بمعنى نعم، وحكى سيبويه أن "إنّ" تأتي بمعنى أَجَلْ، وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد، وإسماعيل بن إسحاق القاضي يذهبان ؛ قال النحاس : ورأيت أبا إسحاق الزجاج وعلي بن سليمان يذهبان إليه.
الزمخشري : وقد أعجب به أبو إسحاق.
النحاس : وحدّثنا عليّ بن سليمان، قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام النيسابوريّ، ثم لقيت عبد الله بن أحمد ( هذا ) فحدّثني، قال : حدّثني عمير بن المتوكل، قال : حدّثنا محمد بن موسى النوفلي من ولد حارث بن عبد المطلب، قال : حدّثنا عمرو بن جميع الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ وهو ابن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال : لا أحصي كم سمعت رسول الله ﷺ يقول على منبره :" إنَّ الحمدُ لله نحمده ونستعينه " ثم يقول :" أنا أفصح قريش كلها وأفصحها بعدي أبان بن سعيد بن العاص "
قال أبو محمد الخفاف قال عمير : إعرابه عند أهل العربية والنحو "إنَّ الحمد لله" بالنصب إلا أن العرب تجعل "إن" في معنى نعم، كأنه أراد ﷺ نعم الحمد لله ؛ وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح خطبها بنعم.
وقال الشاعر في معنى نعم :
قالوا غَدَرْتَ فقلتُ إنّ وربَّمَا...
نَالَ العُلاَ وشَفَى الغَليلَ الغادِرُ