وقال ابن عطية :
قوله تعالى ﴿ ولقد أريناه ﴾
إخبار لمحمد ﷺ عن فرعون، وهذا يؤيد أن الكلام من قوله ﴿ فأخرجنا ﴾ إنما هو خطاب لمحمد ﷺ، وقوله ﴿ كلها ﴾ عائد على الآيات التي رآها لا أنه رأى كل آية لله، وإنما المعنى أن الله تعالى أراه آيات، ما بكما لها فأضاف الآيات إلى ضمير العظمة تشريفاً لها، وقوله تعالى :﴿ وأبى ﴾ يقتضي تكسب فرعون وهذا هو الذي يتعلق به الثواب والعقاب.
﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (٥٧) ﴾
هذه المقاولة من فرعون تدل على أن أمر موسى قد كان قوي وكثر متبعوه من بني إسرائيل ووقع أمره في نفوس الناس، وذلك أنها مقاولة من يحتاج إلى الحجة لا من يصدع بأمر نفسه، وأرضهم هي أرض مصر، وقرأت فرقة " لا نخلُفه " بالرفع، وقرأت فرقة " لا نخلفْه " بالجزم على جواب الأمر، و﴿ نحن ﴾ تأكيد للضمير من حيث احتاج الكلام إلى العطف عليه أكد، و﴿ موعداً ﴾ مفعول أول ل ﴿ فاجعل ﴾، و﴿ مكاناً ﴾ مفعول ثان هذا الذي اختار أبو علي ومنع أن يكون ﴿ مكاناً ﴾ معمولاً لقوله ﴿ موعداً ﴾ لأنه قد وصف وهذه الأسماء العاملة عمل الفعل إذا نعتت أو عطف عليها أو أخبر عنها أو صغرت أو جمعت وتوغلت في الاسمية بمثل هذا لم تعمل ولا تعلق بها شيء هو منها، وقد يتوسع في الظروف فتعلق بعد ما ذكرنا كقوله عز وجل :﴿ ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون ﴾ [ غافر : ١٠ ] فقوله ﴿ إذ ﴾ [ غافر : ١٠ ] معلق بقوله ﴿ لمقت الله ﴾ [ غافر : ١٠ ] وهو قد أخبر عنه وإنما جاز هذا في الظروف خاصة، وكذلك منع أبو علي أن يكون قوله ﴿ مكاناً ﴾ قصياً على الظرف الساد مسد المفعول.