قال الرازي : وأصله الاستئصال ﴿بعذاب﴾ أي عظيم تظهر به خيبتكم ﴿وقد خاب﴾ كل ﴿من افترى﴾ أي تعمد كذباً على الله أو على غيره ﴿فتنازعوا﴾ أي تجاذب السحرة ﴿أمرهم بينهم﴾ لما سمعوا هذا الكلام، علماً منهم بأنه لا يقدر أن يواجه فرعون بمثله في جميع جنوده وأتباعه لم يسلم منه إلا من الله معه ﴿وأسروا النجوى﴾ أي كلامهم الذي تناجوا به وبالغوا في إخفائه، فإن النجوى الإسرار، لئلا يظهر فرعون وأتباعه على عوارهم في اختلافهم الذي اقتضاه لفظ التنازع، فكأنه قيل : ما قالوا حين انتهى تنازعهم؟ فقيل :﴿قالوا﴾ أي السحرة بعد النظر وإجالة الرأي ما خيلهم به فرعون تلقناً منه وتقرباً إليه بما ينفر الناس عن موسى وهارون عليهما السلام ويثبطهم عن اتباعهما وإن غلبا، لأنه لا ينكر غلبة ساحر على ساحر آخر :﴿إن هذان﴾ أي موسى وهارون وقرىء : هاذان - بالألف، على لغة من يجعل ألف المثنى لازمة في كل حال ؛ قال أبو حيان : وهي لغة لطوائف من العرب لبني الحارث بن كعب وبعض كنانة خثعم وزبيد وبني العنبر وبني الهجيم ومراد وعذره.
﴿لساحران﴾ لا شك في ذلك منهما ﴿يريدان﴾ أي بما يقولان من دعوى الرسالة وغيرها ﴿أن يخرجاكم﴾ أيها الناس ﴿من أرضكم﴾ هذه التي ألفتموها، وهي وطنكم خلفاً عن سلف ﴿بسحرهما﴾ الذي أظهراه لكم وغيره.


الصفحة التالية
Icon