وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أن أَسْرِ بعبادي ﴾
أي : سِرْ بهم ليلاً من أرض مصر ﴿ فاضرب لهم طريقاً ﴾ أي : اجعل لهم طريقاً ﴿ في البحر يَبَساً ﴾ قرأ أبو المتوكل، والحسن، والنخعي :"يَبْساً" باسكان الباء.
وقرأ الشعبي، وأبو رجاء، وابن السميفع :"يابساً" بألف.
قال أبو عبيدة : اليبس، متحرك الحروف، بمعنى اليابس، يقال : شاة يبس، أي : يابسة ليس لها لبن.
وقال ابن قتيبة : يقال لليابس : يَبَس، ويَبْس.
قوله تعالى :﴿ لا تخاف ﴾ قرأ الأكثرون بألف.
وقرأ أبان، وحمزة عن عاصم :"لا تخفْ".
قال الزجاج : من قرأ "لا تخاف"، فالمعنى : لست تخاف، ومن قرأ :"لا تخفْ"، فهو نهي عن الخوف.
قال الفراء : قرأ حمزة :"لا تخفْ" بالجزم، ورفع "ولا تخشى" على الاستئناف، كقوله تعالى :﴿ يُولُّوكم الأدبار ثم لا ينصرون ﴾ [ آل عمران : ١١١ ] استأنف ب "ثم"، فهذا مثله، ولو نوى حمزة بقوله :"ولا تخش" الجزم وإِن كانت فيه الياء، كان صواباً.
قال ابن قتيبة : ومعنى ﴿ دركاً ﴾ لحاقاً.
قال المفسرون : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنَا، وهذا البحر بين أيدينا، فأنزل الله على موسى ﴿ لا تخاف دركاً ﴾ أي : من فرعون ﴿ ولا تخشى ﴾ غرقاً في البحر.
قوله تعالى :﴿ فأَتْبَعهم فرعون ﴾ قال ابن قتيبة : لحقهم.
وروى هارون عن أبي عمرو :"فاتَّبعهم" بالتشديد.
وقال الزجاج : تبع الرجل الشيء، وأتبعه، بمعنى واحد.
ومن قرأ بالتشديد، ففيه دليل على أنه اتبعهم ومعه الجنود.
ومن قرأ "فأتبعهم"، فمعناه : ألحق جنوده بهم، وجائز أن يكون معهم على هذا اللفظ، وجائز أن لا يكون، إِلا أنه قد كان معهم.
﴿ فغشيَهم من اليم ما غشيَهم ﴾ أي : فغشيهم من ماء البحر ما غرَّقهم.
وقال ابن الأنباري : ويعني بقوله :"ما غشيهم" البعض الذي غشيهم، لأنه لم يغشَهم كل مائِهِ.


الصفحة التالية
Icon