وقد يراد بقوله ﴿ طريقاً ﴾ الجنس فدخل موسى عليه السلام بعد أن بعث الله ريح الصبا فجففت تلك الطرق حتى يبست ودخل بنو إسرائيل، ووصل فرعون إلى المدخل وبنو إسرائيل كلهم في البحر فرأى الماء على تلك الحال فجزع قومه واستعظموا الأمر فقال لهم : إنما انفلق من هيبتي وتقدم غرق فرعون وقومه في سورة يونس.
والظاهر أن لفظة اضرب هنا على حقيقتها من مس العصا البحر بقوّة، وتحامل على العصا ويوضحه في آية أخرى ﴿ أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ﴾ فالمعنى أن اضرب بعصاك البحر لينفلق لهم فيصير طريقاً فتعدى إلى الطريق بدخول هذا المعنى لما كان الطريق متسبباً عن الضرب جعل كأنه المضروب.
وقال الزمخشري :﴿ فاضرب لهم طريقاً ﴾ فاجعل لهم من قولهم : ضرب له في ماله سهماً، وضرب اللبن عمله انتهى.
وفي الحديث :" اضربوا لي معكم بسهم " ولما لم يذكر المضروب حقيقة وهو البحر، ولو كان صرّح بالمضروب حقيقة لكان التركيب طريقاً فيه، فكان يعود على البحر المضروب و﴿ يبساً ﴾ مصدر وصف به الطريق وصفه بما آل إليه إذ كان حالة الضرب لم يتصف باليبس بل مرت عليه الصبا فجففته كما روي، ويقال : يبس يبساً ويبساً كالعدم والعدم ومن كونه مصدراً وصف به المؤنث قالوا : شاة يبس وناقة يبس إذا جف لبنها.
وقرأ الحسن يَبْساً بسكون الباء.
قال صاحب اللوامح : قد يكون مصدراً كالعامة وقد يكون بالإسكان المصدر وبالفتح الاسم كالنفض.
وقال الزمخشري : لا يخلو اليبس من أن يكون مخففاً عن اليبس أو صفة على فعل أو جمع يابس كصاحب وصحب، وصف به الواحد تأكيداً لقوله ومعاً جياعاً جعله لفرط جوعه كجماعة جياع انتهى.
وقرأ أبو حيوة : يابساً اسم فاعل.
وقرأ الجمهور : لا تخاف وهي جملة في موضع الحال من الضمير ﴿ فاضرب ﴾ وقيل في موضع الصفة للطريق، وحذف العائد أي لا تخاف فيه.
وقرأ الأعمش : وحمزة وابن أبي ليلى ﴿ لا تخف ﴾ بالجزم على جواب الأمر أو على نهي مستأنف قاله الزجاج.