وقرأ أبو حيوة وطلحة والأعمش دَرْكاً بسكون الراء والجمهور بفتحها، والدرك والدرك اسمان من الإدراك أي لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك ﴿ ولا تخشى ﴾ أنت ولا قومك غرقاً وعطفه على قراءة الجمهور لا تخاف ظاهر، وأما على قراءة الجزم فخرج على أن الألف جيء بها لأجل أواخر الآي فاصلة نحو قوله ﴿ فأضلونا السبيلا ﴾ وعلى أنه إخبار مستأنف أي وأنت ﴿ لا تخشى ﴾ وعلى أنه مجزوم بحذف الحركة المقدرة على لغة من قال : ألم يأتيك وهي لغة قليلة.
وقال الشاعر :
إذا العجوز غضبت فطلق...
ولا ترضاها ولا تملق
وقرأ الجمهور :﴿ فَأَتْبَعَهمْ ﴾ بسكون التاء، وأتبع قد يكون بمعنى تبع فيتعدى إلى واحد كقوله ﴿ فأتبعه الشيطان ﴾ وقد يتعدى إلى اثنين كقوله : وأتبعناهم ذرياتهم فتكون التاء زائدة أي جنوده، أو تكون للحال والمفعول الثاني محذوف أي رؤساؤه وحشمه.
وقرأ أبو عمرو في رواية والحسن فاتَّبعَهم بتشديد التاء وكذا عن الحسن في جميع ما في القرآن إلا ﴿ فأتبعه شهاب ثاقب ﴾ والباء في بجنوده في موضع الحال كما تقول : خرج زيد بسلاحه أو الباء للتعدي لمفعول ثان بحرف جر، إذ لا يتعدى اتبع بنفسه إلا إلى حرف واحد.
وقرأ الجمهور ﴿ فغشيهم من اليم ما غشيهم ﴾ على وزن فعل مجرد من الزيادة.
وقرأت فرقة منهم الأعمش فغشاهم من اليم ما غشاهم بتضعيف العين فالفاعل في القراءة الأولى ﴿ ما ﴾ وفي الثانية الفاعل الله أي فغشاهم الله.
قال الزمخشري : أو فرعون لأنه الذي ورط جنوده وتسبب لهلاكهم.
وقال ﴿ ما غشيهم ﴾ من باب الاختصار ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة، أي ﴿ غشيهم ﴾ ما لا يعلم كَنَهَهُ إلاّ الله.
وقال ابن عطية :﴿ ما غشيهم ﴾ إبهام أهول من النص على قدر ما، وهو كقوله ﴿ إذ يغشى السدرة ما يغشى ﴾ والظاهر أن الضمير في ﴿ غشيهم ﴾ في الموضعين عائد على فرعون وقومه، وقيل الأول على فرعون وقومه، والثاني على موسى وقومه.


الصفحة التالية
Icon