أنه جعل المعي لفرط جوعه كجماعة جياع أو قدر كل جزء من أجزاء الطريق طريقاً يابساً كما قيل في ﴿ نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ﴾ [ الإنسان : ٢ ] وثوب أخلاق أو حيث أريد بالطريق الجنس وكان متعدداً حسب تعدد الأسباط لا طريق واحدة على الصحيح جاء وصفه جمعاً، وقيل : يحتمل أن يكون اسم جمع، والظاهر أنه لا فرق هنا بين اليبس بالتحريك واليبس بالتسكين معنى لأن الأصل توافق القراءتين، وإن كانت إحداهما شاذة، وفي "القاموس" اليبس بالإسكان ما كان أصله رطباً فجف وما أصله اليبوسة ولم يعهد رطباً يبس بالتحريك، وأما طريق موسى عليه السلام في "البحر" فإنه لم يعهد طريقاً لا رطباً ولا يابساً إنما أظهره الله تعالى لهم حينئذ مخلوقاً على ذلك اه.
وهذا مخالف لما ذكره الراغب من أن اليبس بالتحريك ما كان فيه رطوبة فذهبت، والمكان إذا كان فيه ماء فذهب، وروى أن موسى عليه السلام لما ضرب البحر وإنفاق حتى صارت فيه طرق بعث الله تعالى ريح الصبا فجففت تلك الطرق حتى يبست.
وذهب غير واحد أن الضرب بمعنى الجعل من قولهم : ضرب له في ماله سهماً وضرب عليهم الخراج أو بمعنى الاتخاذ فينصب مفعولين أولهما ﴿ طَرِيقاً ﴾ وثانيهما ﴿ لَهُمْ ﴾.
واختار أبو حيان بقاءه على المعنى المشهور وهو أوفق بقوله تعالى :﴿ أَنِ اضرب بّعَصَاكَ البحر ﴾ [ الشعراء : ٦٣ ]، وزعم أبو البقاء أن ﴿ طَرِيقاً ﴾ على هذا الوجه مفعول فيه، وقال : التقدير ﴿ فاضرب لَهُمْ ﴾ موضع طريق ﴿ لاَّ تَخَافُ دَرَكاً ﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿ فاضرب ﴾ أو الصفة الأخرى لطريقاً والعائد محذوف أي فيها أو هو استئناف كما قال أبو البقاء وقدمه على سائر الاحتمالات.
وقرأ الأعمش.
وحمزة.
وابن أبي ليلى ﴿ لاَ تَخَفْ ﴾ بالجزم على جواب الأمر أعني ﴿ أَسَرَّ ﴾، ويحتمل أنه نهي مستأنف كما ذكره الزجاج.
وقرأ أبو حيوة.
وطلحة.


الصفحة التالية
Icon