﴿ فاليوم نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾ [ يونس : ٩٢ ] وفيه أن الإنجاء بعدما غشيه ما غشى جنوده وشك بنو إسرائيل في هلاكه والقرب ليس بداع قوي، وقيل : الضمير الأول لفرعون وجنوده والثاني لموسى عليه السلام وقومه وفي الكلام حذف أي فنجا موسى عليه السلام وقومه وغرق فرعون وجنوده انتهى وليس بشيء كما لا يخفى.
وقرأت فرقة منهم الأعمش ﴿ فغشاهم من اليم ما غشاهم ﴾ أي غطاهم ماغطاهم فالفعل ﴿ أُمَّةً واحدة ولكن لّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا ﴾ أيضاً وترك المفعول زيادة في الإبهام، وقيل : المفعول ﴿ مّنَ اليم ﴾ أي بعض اليم، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله تعالى شأنه وما مفعول ؛ وقيل : هو ضمير فرعون والإسناد مجازي لأنه الذي ورطهم للهلكة، ويبعده الإظهار في قوله تعالى :
﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ﴾
أي سلك بهم مسلكاً أداهم إلى الخسران في الدين والدنيا معاً حيث أغرقوا فأدخلوا ناراً ﴿ وَمَا هدى ﴾ أي وما أرشدهم إلى طريق موصل إلى مطلب من المطالب الدينية والدنيوية والمراد بذلك التهكم به كما ذكر غير واحد، واعترض بأن التهكم أن يؤتي بما قصد به ضده استعارة ونحوها نحو ﴿ إنك لأنت الحليم الرشيد ﴾ [ هود : ٨٧ ] إذا كان الغرض الوصف بضد هذين الوصفين، وكونه لم يهد أخبار عما هو كذلك في الواقع.