ومنه ﴿ فَلاَ تنسى ﴾ [ الأعلى : ٦ ] في أحد القولين، إجراءً لحرفِ العلة مُجْرى الحرفِ الصحيح. وقد تقدَّم لك من هذا جملةٌ صالحة في سورةِ يوسف عند ﴿ مَن يَتَّقِ ﴾ [ الآية : ٩٠ ]. والرابع : أنه مجزومٌ أيضاً بحذفِ حرفِ العلةِ. وهذه الألفُ ليسَتْ تلك، أعني لامَ الكلمة، إنما هي ألفُ إشباع أُتِيَ بها موافقةً للفواصلِ ورؤوسِ الآي، فهي كالألفِ في قولِه :﴿ الرسولا ﴾ [ الأحزاب : ٦٦ ] و﴿ السبيلا ﴾ [ الأحزاب : ٦٧ ] و﴿ الظنونا ﴾ [ الأحزاب : ١٠ ] وهذه الأوجهُ إنما يحتاجُ إليها في قراءةِ جزمِ " لا تَخَفْ ". وأمَّا من قرأه مرفوعاً فهذا معطوفٌ عليه.
وقرأ أبو حيوة " دَرْكاً " بسكون الراء. والدَّرَك والدَّرْك [ اسمان ] من الإِدراك أي : لا يُدركك فرعونُ وجنوده. وقد تقدَّم الكلامُ عليهما في سورة النساء، وإنَّ الكوفيين قرؤوه بالسكونِ كأبي حيوةَ هنا.
﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) ﴾
قوله :﴿ بِجُنُودِهِ ﴾ : فيه أوجهٌ : أحدها : أن تكونَ الباءُ للحالِ : وذلك على أنَّ " أَتْبَعَ " متعدٍّ لاثنين حُذف ثانيهما. والتقدير : فَأَتْبَعهم فرعونُ عقابهُ. وقدَّره الشيخ :" رُؤَساءه وحَشَمه " والأول أحسن. والثاني : أنَّ الباءَ زائدةٌ في المفعولِ الثاني. والتقدير : فَأَتْبَعهم فرعونُ جنودَه فهو كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٥ ] [ وقولِ الشاعر ] :

٣٣١٢........................ ............... لا يَقْرَأْن بالسُّوَرِ
وأتبع قد جاء متعدِّياً لاثنين مُصَرَّحٍ بهما قال :" وَأَتْبَعْنَاهُم.... ". والثالث : أنها مُعَدِّيَةٌ على أنَّ " أَتْبَعَ " قد يتعدَّى لواحدٍ بمعنى مع، ويجوزُ على هذا الوجه أن تكونَ الباءُ للحالِ أيضاً، بل هو الأظهرُ.


الصفحة التالية
Icon