فأما ما روى فى الحديث أنه قال :" ويل للعراقيب من النار"، وغير ذلك من الأخبار التى رووها عن النبى ﷺ أنه توضأ وغسل رجليه، فالكلام فى ذلك أنه لا يجوز أن يُرجعْ عن ظاهر القرآن المعلوم بظاهر الأخبار الذى لا يوجب علماً وإنما يقتضى الظن، على أن هذه الأخبار معارضة بأخبار كثيرة وردت من طرقهم ووُجِدت فى كتبهم، ونُقِلت عن شيوخهم، مثل ما روى عن أوس بن أبى أوس أنه قال : رأيتُ النبى ﷺ يتوضأ ومسح على نعليه ثم قام فصلَّى، وعن حذيفة قال : أتى رسول الله سباطة قوم فبال عليها ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على قدميه، وذكره أبو عبيدة فى غريب الحديث... إلى غير ذلك مما يطول ذكره. وقوله :" ويل للعراقيب من النار"، فقد روى فيه أن قوماً من أجلاف الأعراب كانوا يبولون وهم قيام، فيتشرشر البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها، ويدخلون المسجد للصلاة، وكان ذلك سبباً لهذا الوعيد..
وأما الكعبان فقد اختُلِف فى معناهما، فعند الإمامية هما العظمان النابتان فى ظهر القدم عند معقد الشراك، ووافقهم فى ذلك محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة، وإن كان يوجب غسل الرجلين إلى هذا الموضع. وقال جمهور المفسرين والفقهاء : الكعبان هما عظما الساقين، قالوا : ولو كان كما قالوه لقال سبحانه :" وأرجلكم إلى الكعاب" ولم يقل : إلى الكعبين، لأن على ذلك القول يكون فى كل رِجْل كعبان".
* *
* نكاح الكتابيات :