وقال بعضهم : الآية متناولة جميع الكفار، والشرك يُطلق على الكل، ومَن جحد نبوة نبينا محمد ﷺ فقد أنكر معجزته وأضافه إلى غير ذلك، وهذا هو الشرك بعينه، لأن المعجزة شهادة من الله له بالنبوة. ثم اختلف هؤلاء : منهم من قال : إن الآية منسوخة فى الكتاب بالآية التى فى المائدة :﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾.. عن ابن عباس والحس ومجاهد - ومنهم من قال : إنها مخصوصة بغير الكتابيات.. عن قتادة وسعيد بن جبير - ومنهم مَن قال : إنها على ظاهرها فى تحريم نكاح كل كافرة كتابية كانت أو مشركة.. عن ابن عمر وبعض الزيدية وهو مذهبنا، وسيأتى بيان آية المائدة فى موضعها إن شاء الله :﴿وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ﴾ : معناه : مملوكة مصدِّقة مسلمة خير من حُرَّة مشركة، ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾ : معناه : ولو أعجبتكم بمالها أو حسبها أو جمالها، فظاهر هذا يدل على أنه يجوز نكاح الأمة المؤمنة فى وجود الطَوْل، فأما قول الله تعالى :﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً﴾... الآية، فإنما هى على التنزيه دون التحريم، ﴿وَلاَ تُنْكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ﴾ معناه : ولا تُنِكحوا النساء المسلمات جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حتى يؤمنوا، وهذا يؤيد قول من يقول : إن قوله :﴿وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ﴾ يتناول جميع الكافرات، وقوله :﴿وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ﴾، أى عبد مصدِّق مسلم خير من حُرٍّ مشرك ولو أعجبكم ماله أو حاله أو جماله".


الصفحة التالية
Icon