والتجافى عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت".
وثانيها : أن معنى الآية : فمن يرد الله أن يثبته على الهدى يشرح صدره من الوجه الذى ذكرنا جزاءً له على إيمانه واهتدائه، وقد يطلق لفظ الهدى والمراد به الاستدامة كما قلنا فى قوله :﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ﴾.. أى يخذله ويخَلى بينه وبين ما يريده لاختياره الكفر وتركه الإيمان، ﴿يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾ بأن يمنعه الألطاف التى ينشرح بها صدره لخروجه من قبولها بإقامته على كفره. فإن قيل : إنَّا نجد الكافر غير ضيق الصدر لما هو فيه، ونراه طيب القلب على كفره، فكيف يصح الخلف فى خبره سبحانه ؟ قلنا : إنه سبحانه بيَّن أنه يجعل صدره ضيقاً ولم يقل فى كل حال، ومعلوم من حاله فى أحوال كثيرة أنه يضيق صدره بما هو فيه من ورود الشبه والشكوك عليه، وعندما يجازى الله المؤمنين على استعمال الأدلة الموصلة إلى الإيمان، وهذا القدر هو الذى يقتضيه الظاهر.


الصفحة التالية
Icon