يقرر المؤلف هذا بكل صراحة وجراءة مع حملة ظالمة على صحابة رسول الله صلى الله ﷺ، وذلك حيث يقول :".. هذا يا إخوانى ما سألتمونى من تفسير القرآن، بما وصل إلينا من أئمتنا المعصومين من البيان، أتيتكم به مع قِلَّة البضاعة، وقصور يدى عن هذه الصناعة، على قدر مقدور، فإن المأمور معذور، والميسور لا يُترك بالمعسور، ولا سيما أنى كنت أراه أمراً مهماً، وبدونه أرى الخطب مدلهماً، فإن المفسِّرين وإن أكثروا القول فى معانى القرآن، إلا أنه لم يأت أحد منهم فيه بسلطان، وذلك لأن فى القرآن ناسخاً ومنسوخاً، ومحكماً ومتشابهاً، وخاصاً وعاماً، ومبيناً ومبهماً، ومقطوعاً وموصولاً، وفرائض، وأحكاماً، وسُنَناً وآداباً، وحلالاً وحراماً، وعزيمة ورُخصة، وظاهراً وباطناً، وحداً ومطلعاً.. ولا يعلم تمييز ذلك كله إلا مَن نزل فى بيته، وذلك هو النبى ﷺ وآله وأهل بيته، فكل ما لا يخرج من بيتهم فلا تعويل عليه، ولهذا ورد عن النبى ﷺ :" مَن فسَّر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد أخطأ"، وقد جاءت عن أهل البيت صلوات الله عليهم فى تفسير القرآن وتأويله أخبار كثيرة، إلا أنها خرجت متفرقة عن أسئلة السائلين، وعلى أقدار أفهام المخاطبين، وبموجب إرشادهم إلى مناهج الدين، وبقيت بعد خبايا فى زوايا، خوفاً من الأعداء وتقيَّة من البعداء، ولعله مما برز وظهر لم يصل إلينا الأكثر، لأن رواته كانوا فى محنة من التقيَّة، وشدة من الخطر، وذلك أنه لما جرى فى الصحابة ما جرى، وضَلَّ بهم عامة الورى، أعرض الناس عن الثقلين، وتاهوا فى بيداء ضلالاتهم عن النجدين إلا شرذمة من المؤمنين فمكث العامة بذلك سنين، وعمهوا فى غمرتهم حتى حين، فآل الحال إلى أن نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته، فكان الكتاب وأهله فى الناس وليسا فى الناس، ومعهم وليسا معهم، لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا. وكان العلم مكتوماً، وأهله مظلوماً، لا


الصفحة التالية
Icon