ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة عبس :﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَآءَهُ الأَعْمَى﴾... الآيات إلى آخر القصة، نجده يصرف الآيات عن ظاهرها المتعارف بين المفسِّرين جميعاً، ويجعل العتاب موجهاً إلى عثمان رضى الله عنه، أو إلى رجل آخر من بنى أُمية. والذى حمله على ذلك هو ما يراه من أن مثل هذا العتاب لا يليق أن يكون موجهاً إلى النبى ﷺ أو إلى أحد من الأئمة المعصومين، كما أن سبب العتاب لا يليق أن يصدر منهم، أما توجه العتاب إلى عثمان وصدور سببه منه فهذا أمر جائز وواقع فى نظره، لأن عثمان ليس له من العصمة ما للأئمة، فلهذا تراه يروى عن القُمِّى :" أنها نزلت فى عثمان وابن أُم مكتوم"، وكان ابن أُم مكتوم مؤذناً لرسول الله ﷺ، وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله ﷺ وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدَّمه رسول الله ﷺ على عثمان فعبس عثمان وجهه وتولَّى عنه، فأنزل الله :﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَآءَهُ الأَعْمَى﴾.. ونقل عن مجمع البيان أنها نزلت فى رجل من بنى أُمية كان عند النبى فجاء ابن أُم مكتوم، فلما رآه تقذَّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله ذلك وأنكره عليه.. ثم قال : أقول :" وأما ما اشتهر من تنزيل هذه الآيات فى النبى ﷺ دون عثمان فيأباه سياق مثل هذه المعاتبات الغير اللائقة بمنصبه، وكذا ما ذكره بعدها إلى آخر السورة كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، ويمكن أن يكون من مختلقات أهل النفاق خذلهم الله".
* *
* دفاع المؤلف عن أُصول مذهبه :