كذلك نجد المؤلف ينظر إلى القرآن من خلال عقيدته، ونراه ينتصر لمذهبه ويتعصب له، ويؤيد أُصوله بكل ما يستطيع من الأدلة، ويدفع الشبه عنه، ويرد على الخصوم بما يستطيع من أوجه الرد، فلهذا نجده إذا مرَّ بآية من آيات القرآن التى يستطيع أن يستند إليها ويعتمد عليها فى نظره، أخذ فى تأويلها على وفق مذهبه وهواه، وإن كان فى ذلك خروج عن ظاهر النظم القرآنى.
* ولاية على :
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٥٥] من سورة المائدة :﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.. نراه يستند إلى هذه الآية استناداً قوياً فى أن علياً رضى الله عنه هو وصى النبى ﷺ وخليفته من بعده، فيقول ما نصه :" فى الكافى عن الصادق فى تفسير هذه الآية " أولى بكم" : أى أحق بكم وبأموركم من أنفسكم وأموالكم الله ورسوله والذين آمنوا - يعنى علياً وأولاده الأئمة إلى يوم القيامة - ثم وصفهم الله فقال :﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.. وكان أمير المؤمنين فى صلاة الظهر - وقد صلَّى ركعتين - وهو راكع، عليه حُلَّة قيمتها ألف دينار، وكان النبى أعطاه إياها، وكان النجاشى أهداها له، فجاء سائل فقال : السلام عليك يا ولى الله وأولى المؤمنين من أنفسهم.. تصدق على مسكين، فطرح الحُلَّة إليه، وأومأ بيده إليه أن احملها، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ فيه هذه الآية، وصيَّر نعمة أولاده بنعمته، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة مثله، فيتصدَّقون وهم راكعون. والسائل الذى سأل أمير المؤمنين من الملائكة، والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة.


الصفحة التالية
Icon