السلام :﴿رَبّ اغفر لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً﴾ [ ص : ٣٥ ] وأما عيسى عليه السلام :﴿وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم﴾ [ المائدة : ١١٨ ] وأما محمد ﷺ فقول :
﴿واستغفر لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات﴾ [ محمد : ١٩ ] وأما الأمة فقوله :﴿والذين جَاؤوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا ولإخواننا﴾ [ الحشر : ١٠ ] واعلم أن بسط الكلام ههنا أن نبين أولاً حقيقة المغفرة ثم نتكلم في كونه تعالى غافراً وغفوراً وغفاراً ثم نتكلم في أن مغفرته عامة ثم نبين أن مغفرته في حق الأنبياء عليهم السلام كيف تعقل مع أنه لا ذنب لهم، ويتفرع على هذه الجملة استدلال أصحابنا في إثبات العفو وتقريره أن الذنب إما أن يكون صغيراً أو كبيراً بعد التوبة أو قبل التوبة والقسمان الأولان يقبح من الله عذابهما ويجب عليه التجاوز عنهما وترك القبيح لا يسمى غفراناً فتعين أن لا يتحقق الغفران إلا في القسم الثالث وهو المطلوب، فإن قيل : هذا يناقض صريح الآية لأنه أثبت الغفران في حق من استجمع أموراً أربعة : التوبة والإيمان والعمل الصالح والاهتداء، قلنا : إن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ثم أذنب بعد ذلك كان تائباً ومؤمناً وآتياً بالعمل الصالح، ومهتدياً ومع ذلك يكون مذنباً فحينئذ يستقيم كلامنا، وههنا نكتة، وهي أن العبد له أسماء ثلاثة : الظالم والظلوم والظلام.
فالظالم :﴿فَمِنْهُمْ ظالم لّنَفْسِهِ﴾ [ فاطر : ٣٢ ] والظلوم :﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ] والظلام إذا كثر ذلك منه، ولله في مقابلة كل واحد من هذه الأسماء اسم فكأنه تعالى يقول : إن كنت ظالماً فأنا غافر وإن كنت ظلوماً فأنا غفور، وإن كنت ظلاماً فأنا غفار :﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ﴾ [ طه : ٨٢ ].
المسألة التاسعة :


الصفحة التالية
Icon