فصل
قال الفخر :
﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ﴾
اعلم أنه تعالى لما أنعم على قوم موسى عليه السلام بأنواع النعم ذكرهم إياها ولا شك أن إزالة المضرة يجب أن تكون متقدمة على إيصال المنفعة ولا شك أن إيصال المنفعة الدينية أعظم في كونه نعمة من إيصال المنفعة الدنيوية، فلهذا بدأ الله تعالى بقوله :﴿أنجيناكم مّنْ عَدُوِّكُمْ﴾ وهو إشارة إلى إزالة الضرر فإن فرعون كان ينزل بهم من أنواع الظلم كثيراً من القتل والإذلال والإخراج والإتعاب في الأعمال، ثم ثنى بذكر المنفعة الدينية وهي قوله :﴿وواعدناكم جَانِبَ الطور الأيمن﴾ ووجه المنفعة فيه أنه أنزل في ذلك الوقت عليهم كتاباً فيه بيان دينهم وشرح شريعتهم ثم ثلث بذكر المنفعة الدنيوية وهي قوله :﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى * كُلُواْ مِن طيبات مَا رزقناكم﴾ ثم زجرهم عن العصيان بقوله :﴿وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾ ثم بين أن من عصى ثم تاب كان مقبولاً عند الله بقوله :﴿وَإِنّي لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ﴾ وهذا بيان المقصود من الآية ثم ههنا مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ حمزة والكسائي قد أنجيتكم ووعدتكم إلى قوله :﴿مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم﴾ كلها بالتاء إلا قوله :﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى﴾ فإنها بالنون وقرأ الباقون كلها بالنون وقرأ نافع وعاصم وواعدناكم وقرأ حمزة والكسائي وواعدتكم.
المسألة الثانية :
قال الكلبي : لما جاوز موسى عليه السلام ببني إسرائيل البحر قالوا له : أليس وعدتنا أن تأتينا من ربنا بكتاب فيه الفرائض والأحكام.