﴿قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك﴾ [ النحل : ٨٦ ] في أمثالها وأما آخر الزخرف فقد ذكر التعبير بها في موضعه ﴿أولاء﴾ أي هم في القرب بحيث يسار إليهم، كائنين ﴿على أثري﴾ أي ماشين على آثار مشيي قبل أن ينطمس لم أسبقهم إلا بشيء جرت العادة في السبق بمثله بين الرفاق، هذا بناء منه على ما كان عهد إليهم، وأكد فيه عليهم : ثم اعتذر عن فعله فقال :﴿وعجلت﴾ أنا بالمبادرة ﴿إليك﴾ وجرى على عادة أهل القرب كما يحق له فقال :﴿رب﴾ أي أيها المسارع في إصلاح شأني والإصلاح إليّ ﴿لترضى﴾ عني رضاً أعظم مما كان ﴿قال﴾ الرب سبحانه :﴿فإنا﴾ أي قد تسبب عن عجلتك عنهم أنا ﴿قد فتنا﴾ أي خالطنا بعظمتنا مخالطة مميلة محيلة ﴿قومك﴾ بتعجلك.
ولما كانت الفتنة لم تستغرق جميع الزمن الذي كان بعده، وإنما كانت في بعضه، أدخل الجارّ فقال :﴿من بعدك﴾ أي خالطناهم بأمر من أمرنا مخالطة أحالتهم عما عهدتهم عليه، وكان ذلك بعد تمام المدة التي ضربتها لهم، وهي الثلاثون بالفعل وبالقوة فقط، من أول ما فارقتهم بضربك لتلك المدة باعتبار أن أول إتيانك هو الذي كان سبب الفتنة لزيادة أيام الغيبة بسببه لأنا زدنا في آخر المدة بمقدار ما عجلت به في أولها، فلما تأخر رجوعك إليهم حصل لهم الفتون بالفعل، فظنوا مرجمات الظنون.