الوجه الثالث : فنسي وقت الموعد في الرجوع أما قوله :﴿أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً﴾ فهذا استدلال على عدم إلهيتها بأنها لا تتكلم ولا تنفع ولا تضر وهذا يدل على أن الإله لا بد وأن يكون موصوفاً بهذه الصفات وهو كقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام :
﴿لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً﴾ [ مريم : ٤٢ ] وإن موسى عليه السلام في أكثر الأمر لا يعول إلا على دلائل إبراهيم عليه السلام بقي ههنا بحثان.
البحث الأول : قال الزجاج : الاختيار أن لا يرجع بالرفع بمعنى أنه لا يرجع وهذا كقوله :﴿وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ﴾ [ المائدة : ٧١ ] بمعنى أنه لا تكون وقرىء بالنصب أيضاً على أن أن هذه هي الناصبة للأفعال.
البحث الثاني : هذه الآية تدل على وجوب النظر في معرفة الله تعالى وقال في آية أخرى :﴿أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً﴾ [ الأعراف : ١٤٨ ] وهو قريب في المعنى من قوله في ذم عبدة الأصنام :﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا﴾ [ الأعراف : ١٩٥ ] وليس المقصود من هذا أن العجل لو كان يكلمهم لكان إلهاً لأن الشيء يجوز أن يكون مشروطاً بشروط كثيرة ففوات واحد منها يقتضي فوات المشروط، ولكن حصول الواحد فيها لا يقتضي حصول المشروط.
الثالث : قال بعض اليهود لعلي عليه السلام : ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم ؟ فقال : إنما اختلفنا عنه وما اختلفنا فيه، وأنتم ما جفت أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ؟


الصفحة التالية
Icon