فصل
قال الفخر :
واعلم أن موسى عليه السلام لما فرغ من إبطال ما ذهب إليه السامري عاد إلى بيان الدين الحق فقال :﴿إِنَّمَا إلهكم﴾ أي المستحق للعبادة والتعظيم :﴿الله الذى لا إله إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْء عِلْماً﴾ قال مقاتل : يعلم من يعبده ومن لا يعبده.
﴿ كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) ﴾
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما شرح قصة موسى عليه السلام مع فرعون أولاً ثم مع السامري ثانياً أتبعه بقوله :﴿كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ من سائر أخبار الأمم وأحوالهم تكثيراً لشأنك وزيادة في معجزاتك وليكثر الاعتبار والاستبصار للمكلفين بها في الدين :﴿وَقَدْ اتيناك مِن لَّدُنَّا ذِكْراً﴾ يعني القرآن كما قال تعالى :﴿وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أنزلناه﴾ [ الأنبياء : ٥٠ ] ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ] ﴿والقرءان ذِي الذكر﴾ [ ص : ١ ] ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ﴾ [ الأنبياء : ٢ ] ﴿يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر﴾ [ الحجر : ٦ ] ثم في تسمية القرآن بالذكر وجوه : أحدها : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم.
وثانيها : أنه يذكر أنواع آلاء الله تعالى ونعمائه ففيه التذكير والمواعظ.