فصل
قال الفخر :
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) ﴾
اعلم أنه تعالى لما وصف أمر يوم القيامة حكى سؤال من لم يؤمن بالحشر فقال :﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الجبال﴾ وفي تقرير هذا السؤال وجوه.
أحدها : أن قوله :﴿يتخافتون﴾ [ طه : ١٠٣ ] وصف من الله تعالى لكل المجرمين بذلك، فكأنهم قالوا : كيف يصح ذلك والجبال حائلة ومانعة من هذا التخافت وثانيها : قال الضحاك : نزلت في مشركي مكة قالوا : يا محمد كيف تكون الجبال يوم القيامة ؟ وكان سؤالهم على سبيل الاستهزاء.
وثالثها : لعل قومه قالوا : يا محمد إنك تدعي أن الدنيا ستنقضي فلو صح ما قلته لوجب أن تبتدىء أولاً بالنقصان ثم تنتهي إلى البطلان، لكن أحوال العالم باقية كما كانت في أول الأمر، فكيف يصح ما قلته من خراب الدنيا ؟ وهذه شبهة تمسك بها جالينوس في أن السموات لا تفنى، قال : لأنها لو فنيت لابتدأت في النقصان أولاً حتى ينتهي نقصانها إلى البطلان، فلما لم يظهر فيها النقصان علمنا أن القول بالبطلان باطل، ثم أمر الله تعالى رسوله بالجواب عن هذا السؤال وضم إلى الجواب أموراً أخر في شرح أحوال القيامة وأهوالها.
الصفة الأولى : قوله :﴿فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
إنما قال :﴿فَقُلْ﴾ مع فاء التعقيب لأن مقصودهم من هذا السؤال الطعن في الحشر والنشر، فلا جرم أمره بالجواب مقروناً بفاء التعقيب.
لأن تأخير البيان في مثل هذه المسألة الأصولية غير جائز، أما في المسائل الفروعية فجائزة، لذلك ذكر هناك قل من غير حرف التعقيب.
المسألة الثانية :