الضمير في قوله :﴿يَنسِفُهَا﴾ عائد إلى الجبال والنسف التذرية، أي تصير الجبال كالهباء المنثور تذرى تذرية فإذا زالت الجبال الحوائل فيعلم صدق قوله :﴿يتخافتون﴾ قال الخليل :﴿يَنسِفُهَا﴾ أي يذهبها ويطيرها، أما الضمير في قوله :﴿فَيَذَرُهَا﴾ فهو عائد إلى الأرض فاستغنى عن تقديم ذكرها كما في عادة الناس من الإخبار عنها بالإضمار كقولهم : ما عليها أكرم من فلان وقال تعالى :﴿مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ﴾ وإنما قال :﴿فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً﴾ ليبين أن ذلك النسف لا يزيل الاستواء لئلا يقدر أنها لما زالت من موضع إلى موضع آخر صارت هناك حائلة، هذا كله إذا كان المقصود من سؤالهم الاعتراض على كيفية المخافتة، أما لو كان الغرض من السؤال ما ذكرنا من أنه لا نقصان فيها في الحال فوجب أن لا ينتهي أمرها إلى البطلان، كان تقرير الجواب : أن بطلان الشيء قد يكون بطلاناً يقع توليدياً، فحينئذ يجب تقديم النقصان على البطلان وقد يكون بطلاناً يقع دفعة واحدة، وههنا لا يجب تقديم النقصان على البطلان، فبين الله تعالى أنه يفرق تركيبات هذا العالم الجسماني دفعة بقدرته ومشيئته فلا حاجة ههنا إلى تقديم النقصان على البطلان.
المسألة الثالثة :
أنه تعالى وصف الأرض ذلك الوقت بصفات.
أحدها : كونها قاعاً وهو المكان المطمئن وقيل مستنقع الماء.
وثانيها : الصفصف وهو الذي لا نبات عليه.
وقال أبو مسلم : القاع الأرض الملساء المستوية وكذلك الصفصف.