الأول : أن يكون المعنى إنا إنما أنزلنا القرآن لأجل أن يصيروا متقين أي محترزين عما لا ينبغي أو يحدث القرآن لهم ذكراً يدعوهم إلى الطاعات وفعل ما ينبغي، وعليه سؤالات :
السؤال الأول : القرآن كيف يكون محدثاً للذكر.
الجواب : لما حصل الذكر عند قراءته أضيف الذكر إليه.
السؤال الثاني : لم أضيف الذكر إلى القرآن وما أضيفت التقوى إليه.
الجواب : أن التقوى عبارة عن أن لا يفعل القبيح، وذلك استمرار على العدم الأصلي فلم يجز إسناده إلى القرآن، أما حدوث الذكر فأمر حدث بعد أن لم يكن فجازت إضافته إلى القرآن.
السؤال الثالث : كلمة أو للمنافاة ولا منافاة بين التقوى وحدوث الذكر بل لايصح الإتقاء إلا مع الذكر فما معنى كلمة أو.
الجواب : هذا كقولهم جالس الحسن أو ابن سيرين أي لا تكن خالياً منهما فكذا ههنا.
الوجه الثاني : أن يقال : إنا أنزلنا القرآن ليتقوا فإن لم يحصل ذلك فلا أقل من أن يحدث القرآن لهم ذكراً وشرفاً وصيتاً حسناً، فعلى هذين التقديرين يكون إنزاله تقوى، ثم إنه تعالى لما عظم أمر القرآن ردفه بأن عظم نفسه فقال :﴿فتعالى الله الملك الحق﴾ تنبيهاً على ما يلزم خلقه من تعظيمه وإنما وصفه بالحق لأن ملكه لا يزول ولا يتغير وليس بمستفاد من قبل الغير ولا غيره أولى به فلهذا وصف بذلك، وتعالى تفاعل من العلو وقد ثبت أن علوه وعظمته وربوبيته بمعنى واحد وهو اتصافه بنعوت الجلال وأنه لا تكيفه الأوهام ولا تقدره العقول وهو منزه عن المنافع والمضار فهو تعالى إنما أنزل القرآن ليحترزوا عما لا ينبغي وليقدموا على ما ينبغي، وأنه تعالى منزه عن التكمل بطاعاتهم والتضرر بمعاصيهم، فالطاعات إنما تقع بتوفيقه وتيسيره، والمعاصي إنما تقع عدلاً منه وكل ميسر لما خلق له أما قوله :﴿وَلاَ تَعْجَلْ بالقرءان مِن قَبْلِ إَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
في تعلقه بما قبله وجهان.