وقال ابن عطية :
﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشيطان ﴾
و" وسوسة الشيطان " قيل كانت دون مشافهة، إلقاء في النفس، وقيل بل كان بالمشافهة والمخاطبة وهو ظاهر القصة من غير ما موضع وكان دخوله إلى الجنة فيما روي في فم الحية، وكان آدم عليه السلام قد قال الله تعالى له لا تأكل من هذه الشجرة وعين له شجرة قد تقدم الخلاف في جنسها فلما وصفها له إبليس بأنها ﴿ شجرة الخلد وملك لا يبلى ﴾ أي من أكلها ملكاً مخلداً عمد آدم إلى غير تلك التي نهي عنها من جنسها فأكلها بتأويل أن النهي كان في تلك المعينة، وقيل بل تأول أن النهي إنما كان على الندب لا على التحريم البت، وسارعت إلى ذلك حواء وكانت معه في النهي فلما رآها آدم قد أكلت أكل فطارت عنهما ثيابتها وظهر تبري الأشياء منهما وبدت سوءاتهما، ﴿ وطفقا ﴾ معناه وجعلا يفعلان ذلك دائماً، و﴿ يخصفان ﴾ معناه يلفقان ويضمان شيئاً إلى شيء فكانا يستتران بالورق وروي أنه كان ورق التين، ثم نص تبارك وتعالى على آدم أنه ﴿ عصى ﴾ و" غوى " معناه ضل من الغي الذي هو ضد الرشد ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره... ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
وقرأت فرقة " وأنك " بفتح الألف عطفاً على قوله ﴿ أن لا تجوع ﴾ وقرأت فرقة و" إنك " عطفاً على قوله ﴿ إن لك ﴾.
﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢) ﴾
﴿ اجتباه ﴾ معناه تخيره واصطفاه، و" تاب عليه " معناه رجع به من حال المعصية إلى حال الندم وهداه لصلاح الأقوال والأعمال وأمضى عقوبته عز وجل في إهباطه من الجنة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon