وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ هل أَدُلُّكَ على شجرة الخُلْد ﴾
أي : على شجرةٍ مَنْ أكل منها لم يَمُتْ ﴿ ومُلْكٍ لا يَبْلَى ﴾ جديده ولا يفنى.
وما بعد هذا مفسر في [ الأعراف : ٢٢ ].
وفي قوله تعالى :﴿ فغوى ﴾ قولان.
أحدهما : ضلَّ طريق الخلود حيث أراده من قِبَل المعصية.
والثاني : فسد عليه عيشه، لأن معنى الغيّ : الفساد.
قال ابن الأنباري : وقد غلط بعض المفسرين، فقال : معنى "غوى" : أكثر مما أكل من الشجرة حتى بشم، كما يقال : غوى الفصيل : إِذا أكثر من لبن أَمِّه فبشم فكاد يهلك، وهذا خطأٌ من وجهين.
أحدهما : أنه لا يقال من البشم : غَوَى يَغْوِي، وإِنما يقال : غَوِي يَغْوَى.
والثاني : أن قوله تعالى :﴿ فلما ذاقا الشجرة ﴾ [ الأعراف : ٢٢ ] يدل على أنهما لم يُكثِرا، ولم تتأخر عنهما العقوبة حتى يصلا إِلى الإِكثار.
قال ابن قتيبة : فنحن نقول في حق آدم : عصى وغوى كما قال الله عز وجل، ولا نقول : آدم عاصٍ وغاوٍ، كما تقول لرجل قطع ثوبه وخاطه : قد قطعه وخاطه، ولا تقول : هذا خياط، حتى يكون معاوداً لذلك الفعل، معروفاً به.
قوله تعالى :﴿ ثم اجتباه ربُّه ﴾ قد بيَّنَّا الاجتباء في [ الأنعام : ٨٧ ].
﴿ فتاب عليه وهدى ﴾ أي : هداه للتوبة. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon