الثانية : قال القاضي أبو بكر بن العربي : لا يجوز لأحد منا اليوم أن يخبر بذلك عن آدم إلا إذا ذكرناه في أثناء قوله تعالى عنه، أو قول نبيه، فأما أن يبتدىء ذلك من قبل نفسه فليس بجائز لنا في آبائنا الأدنين إلينا، المماثلين لنا، فكيف في أبينا الأقدم الأعظم الأكرم النبي المقدّم، الذي عَذَره الله سبحانه وتعالى وتاب عليه وغفر له.
قلت : وإذا كان هذا في المخلوق لا يجوز، فالإخبار عن صفات الله عز وجل كاليد والرجل والإصبع والجنب والنزول إلى غير ذلك أولى بالمنع، وأنه لا يجوز الابتداء بشيء من ذلك إلا في أثناء قراءة كتابه أو سنة رسوله، ولهذا قال الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه : من وصف شيئاً من ذات الله عز وجل مثل قوله :﴿ وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ ﴾ [ المائدة : ٦٤ ] فأشار بيده إلى عنقه قطعت يده، وكذلك في السمع والبصر يقطع ذلك منه ؛ لأنه شبه الله تعالى بنفسه.
الثالثة : روى الأئمة واللفظ لمسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :" احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال آدم له : يا موسى اصطفاك الله عز وجل بكلامه وخطّ لك بيده يا موسى : أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة فَحَجَّ آدم موسى ثلاثاً " قال المهلب قوله :"فحج آدم موسى" أي غلبه بالحجة.


الصفحة التالية
Icon