﴿وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصالحات﴾ [ طه : ٧٥ ] فقوله :﴿فَلاَ يَخَافُ﴾ في موضع جزم لكونه في موضع جواب الشرط والتقدير فهو لا يخاف ونظيره :﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]، ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً﴾ [ الجن : ١٣ ] وقرأ ابن كثير : فلا يخف على النهي وهو حسن لأن المعنى فليأمن والنهي عن الخوف أمر بالأمن والظلم هو أن يعاقب لا على جريمة أم يمنع من الثواب على الطاعة، والهضم أن ينقص من ثوابه، والهضيمة النقيصة ومنه هضيم الكشح أي ضامر البطن ومنه :﴿طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ [ الشعراء : ١٤٨ ] أي لازق بعضه ببعض ومنه انهضم طعامي، وقال أبو مسلم : الظلم أن ينقص من الثواب والهضم أن لا يوفي حقه من الإعظام لأن الثواب مع كونه من اللذات لا يكون ثواباً إلا إذا قارنه التعظيم وقد يدخل النقص في بعض الثواب ويدخل فيما يقارنه من التعظيم فنفى الله تعالى عن المؤمنين كلا الأمرين.
﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾
اعلم أن قوله :﴿وكذلك﴾ عطف على قوله :﴿كذلك نَقُصُّ﴾ أي ومثل ذلك لا نزال وعلى نهجه أنزلنا القرآن كله ثم وصف القرآن بأمرين : أحدهما : كونه عربياً لتفهمه العرب فيقفوا على إعجازه ونظمه وخروجه عن جنس كلام البشر.
والثاني : قوله :﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوعيد﴾ أي كررناه وفصلناه ويدخل تحت الوعيد بيان الفرائض والمحارم لأن الوعيد فعل يتعلق فتكريره يقتضي بيان الأحكام فلذلك قال :﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ والمراد اتقاء المحرمات وترك الواجبات ولفظ لعل قد تقدم تفسيره في سورة البقرة في قوله :﴿والذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [ البقرة : ١٨٣ ] أما قوله :﴿أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً﴾ ففيه وجهان.


الصفحة التالية
Icon