فصل


قال الفخر :
وأما قوله :﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة﴾
فمنهم من حمله على أقاربه ومنهم من حمله على كل أهل دينه، وهذا أقرب وهو كقوله :﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة والزكواة﴾ [ مريم : ٥٥ ] وإن احتمل أن يكون المراد من يضمه المسكن إذ التنبيه على الصلاة والأمر بها في أوقاتها ممكن فيهم دون سائر الأمة يعنى كما أمرناك بالصلاة فامر أنت قومك بها، أما قوله :﴿واصطبر عَلَيْهَا﴾ فالمراد كما تأمرهم فحافظ عليها فعلاً، فإن الوعظ بلسان الفعل أتم منه بلسان القول، وكان رسول الله ﷺ بعد نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعلي عليهما السلام كل صباح ويقول :" الصلاة " وكان يفعل ذلك أشهراً، ثم بين تعالى أنه إنما يأمرهم بذلك لمنافعهم وأنه متعال عن المنافع بقوله :﴿لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ وفيه وجوه.
أحدها : قال أبو مسلم : المعنى أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج، وهو كقوله تعالى :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦، ٥٧ ].
وثانيها :﴿لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً﴾ لنفسك ولا لأهلك بل نحن نرزقك ونرزق أهلك، ففرغ بالك لأمر الآخرة، وفي معناه قول الناس : من كان في عمل الله كان الله في عمله.
وثالثها : المعنى أنا لما أمرناك بالصلاة فليس ذلك لأنا ننتفع بصلاتك.


الصفحة التالية
Icon