فعبر عن هذا المعنى بقوله :﴿لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً﴾ بل نحن نرزقك في الدنيا بوجوه النعم وفي الآخرة بالثواب، قال عبد الله بن سلام :"كان النبي ﷺ إذا نزل بأهله ضيق أو شدة أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية" واعلم أنه ليس في الآية رخصة في ترك التكسب لأنه تعالى قال في وصف المتقين :﴿رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله﴾ [ النور : ٣٧ ]، أما قوله : والعاقبة للتقوى فالمراد والعاقبة الجميلة لأهل التقوى يعني تقوى الله تعالى، ثم إنه سبحانه بعد هذه الوصية حكى عنهم شبهتهم، فكأنه من تمام قوله :﴿فاصبر على مَا يَقُولُونَ﴾ [ طه : ١٣٠ ] وهي قولهم :﴿لَوْلاَ يَأْتِينَا بِئَايَةٍ مّن رَّبّهِ﴾ أوهموا بهذا الكلام أنه يكلفهم الإيمان من غير آية، وقالوا في موضع آخر :﴿فليأتنا بآية كما أرسل الأولونِ﴾ [ الأنبياء : ٥ ] وأجاب الله تعالى عنه بقوله :﴿أَوَ لَمْ تَأْتِهِمْ بَيّنَةُ مَا فِى الصحف الأولى﴾ وفيه وجوه : أحدها : أن ما في القرآن إذ وافق ما في كتبهم مع أن الرسول ﷺ لم يشتغل بالدراسة والتعلم وما رأى أستاذاً ألبتة كان ذلك إخباراً عن الغيب فيكون معجزاً.
وثانيها : أن بينة ما في الصحف الأولى ما فيها من البشارة بمحمد ﷺ وبنبوته وبعثته.