يعلمها إلا هو، وقال أهل السنة : له بحكم المالكية أن يخص من شاء بفضله ومن شاء بعذابه من غير علة، إذ لو كان فعله لعلة لكانت تلك العلة إن كانت قديمة لزم قدم الفعل، وإن كانت حادثة افتقرت إلى علة أخرى ولزم التسلسل، فلهذا قال أهل التحقيق : كل شيء صنيعه لا لعلة، وأما الأجل المسمى ففيه قولان : أحدهما : ولولا أجل مسمى في الدنيا لذلك العذاب وهو يوم بدر.
والثاني : ولولا أجل مسمى في الآخرة لذلك العذب وهو أقرب، ويكون المراد ولولا كلمة سبقت تتضمن تأخير العذاب إلى الآخرة كقوله :﴿بَلِ الساعة مَوْعِدُهُمْ ﴾
[ القمر : ٤٦ ] لكان العقاب لازماً لهم فيما يقدمون عليه من تكذيب الرسول وأذيتهم له، ثم إنه تعالى لما أخبر نبيه بأنه لا يهلك أحداً قبل استيفاء أجله أمره بالصبر على ما يقولون ولا شبهة في أن المراد أن يصبر على ما يكرهه من أقوالهم، فيحتمل أن يكون ذلك قول بعضهم : إنه ساحر أو مجنون أو شاعر إلى غير ذلك، ويحتمل أن يكون المراد تكذيبهم له فيما يدعيه من النبوة، ويحتمل أيضاً تركهم القبول منه لأن كل ذلك مما يغمه ويؤذيه فرغبه تعالى في الصبر وبعثه على الإدامة على الدعاء إلى الله تعالى وإبلاغ ما حمل من الرسالة وأن لا يكون ما يقدمون عليه صارفاً له عن ذلك، ثم قال الكلبي ومقاتل : هذه الآية منسوخة بآية القتال، ثم قال :﴿وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ وهو نظير قوله :﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ [ البقرة : ٤٥ ] وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
﴿بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ في موضع الحال وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه.
المسألة الثانية :
إنما أمر عقيب الصبر بالتسبيح لأن ذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة إذ لا راحة للمؤمنين دون لقاء الله تعالى.
المسألة الثالثة :
اختلفوا في التسبيح على وجهين، فالأكثرون على أن المراد منه الصلاة وهؤلاء اختلفوا على ثلاثة أوجه.